ملخص:
مع خروج سوريا من سيطرة الدولة الإسلامية، هناك تداعيات قانونية جديدة على السوريين العابرين/ات جندريًا من حيث مقاضاة الدولة، الاعتراف القانوني بالجندر، والوصول إلى الرعاية الصحية المؤكدة للجندر. على سبيل المثال، لم تعد عقوبات الإعدام التي فرضها داعش على الكويريين/ات والعابرين/ات جندريًا في جميع أنحاء سوريا سارية منذ طرد الجماعة الإرهابية. على الرغم من ذلك، تستمر الأحكام الجنائية في إدانة الكويريين/ات والعابرين/ات جندريًا بسبب السلوك غير التقليدي أو التعبير الجنسي.
لا توجد آليات للأشخاص العابرين/ات جندريًا لتلقي خانة الجنس المناسبة على وثائق هويتهم/ن القانونية. علاوة على ذلك، أعاقت الحرب الوصول إلى الرعاية الصحية المؤكدة للجندر، مع توافر محدود أو لا توافر على الإطلاق. يقتصر إنفاذ الأحكام القانونية المذكورة على المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية مباشرة، حيث قد تسيطر الجماعات المختلفة على مناطق أخرى بسبب الحرب الأهلية المستمرة. من غير الواضح ما إذا كان هناك وصول إلى الرعاية الصحية المؤكدة للجندر قبل الحرب.
التجريم:
على أرض الواقع: لا يوجد تشريع صريح يحدد تجريم العبور الجندري في سوريا. في بعض الحالات، يمكن تفسير المادة 517 لمعاقبة العابرين/ات جندريًا تحت ستار الفحش العام:
- المادة 517 من قانون العقوبات السوري (1949):
ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﺮض ﻟﻶداب اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺈﺣﺪى اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﻤﺬﻛﻮرة ﻓﻲ اﻟﻔﻘﺮة اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﺎدة 208 ﺑﺎﻟﺤﺒﺲ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات.
الإنفاذ:
على الرغم من عدم وجود تشريع شامل يجرم هوية العابرين/ات جندريًا، استمرت الحكومة السورية في احتجاز وإدانة العابرين/ات جندريًا أثناء الحرب الأهلية وبعدها. يحدث الإنفاذ بشكل أساسي فيما يتعلق بجرائم المخدرات أو الدعارة أو الإجراءات التي تتحدى الأعراف المجتمعية. يتم تشديد العقوبات على الجرائم الأخرى، مثل التورط في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، للأفراد العابرين/ات جندريًا الذين يُنظر إليهم/ن على أنهم يخرجون/ن عن الأعراف المجتمعية. ونتيجةً لذلك، كثيرًا ما تخضع وكالات الاستخبارات السورية الأفراد الكويريين/ات والعابرين/ات جندريًا، بالإضافة إلى الأفراد المغايرين/ات جنسيًا الذين لا يطابقون/ن الجندر عن غير قصد، للاعتداء الجنسي كشكلٍ من أشكال العقاب. أصبحت نقاط التفتيش، التي تعتبر فيها السلوكيات أو المظاهر غير التقليدية غير مقبولة اجتماعيًا، أكثر الأماكن تواترًا للاختطاف والاعتقال، وكثيرًا ما يصاحبها التعذيب والعنف الجنسي.
في تطورٍ حديث، ذكرت وزارة الداخلية السورية أن ما يقرب من 200 سوري/ـة محتجزون/ات حاليًا لممارستهم/ن “الجنس المثلي”. قد يشمل هذا أيضًا الأفراد العابرين/ات جندريًا الذين يُنظر إليهم/ن خطأً على أنهم مثليون/ات بسبب المفاهيم المتحيزة والمتخلفة المحيطة بمجتمعات الكويريين/ات والعابرين/ات جندريًا.
الاعتراف القانوني بالجندر:
تغيير الاسم:
يجوز للأشخاص العابرين/ات جندريًا الذين يسعون/ين إلى تغيير أسمائهم القانونية أن يفعلوا/ن ذلك من خلال تعديل الوثائق القانونية مثل شهادات الميلاد أمام محاكم الأحوال الشخصية. قد تؤدي الأسماء التي قد تبدو غير تقليدية اجتماعيًا إلى فشل العملية.
- المادة 46 من تصحيح قيود الأحوال المدنية:
أ- لا يجرى أي تصحيح أو تعديل في قيود الأحوال المدنية إلا بناء على حكم يصدر عن قاضى صلح المنطقة التي يوجد فيها القيد الأصلي.
ب- استثناء من الفقرة السابقة يجوز تعديل الأمور الطارئة على المذهب بناء على وثائق وشهادات وإجراءات إدارية تحددها التعليمات التنفيذية.
ج- لا يجوز إجراء أي تصحيح أو تعديل في تاري الولادة أو مكان حدوثها المسجلة ضمن المدة القانونية أو خارجها.
د- يمكن تقديم طلبات الإلغاء أو التصحيح من قبل النيابة العامة أو أمناء السجل المدني أو من قبل أي شخص له مصلحة في هذا التصحيح في الحالات التي تتعلق بالنظام العام.
ه- يجرى تصحيح الأخطاء المادية من قبل أمين السجل المدني المختص بموجب محضر إداري ويصدق من قبل مدير الشؤون المدنية في المحافظة.
تغيير خانة الجنس:
لا توجد آلية للعابرين/ات جندريًا في سوريا للحصول على الاعتراف القانوني بالجندر. قد يسعى الأشخاص ثنائيو/ات الجنس السوريون إلى الاعتراف القانوني بالجندر من خلال طلبه من المحكمة مباشرة، لكن العملية تستبعد الأفراد العابرين/ات جندريًا. تظهر بعض الحالات المبلغ عنها أن المدعين/ات يزعمون/ن أنهم/ن يعانون/ين من اضطراب الهوية الجندرية، ولكن يبدو أنه وسيلة للحصول على اعترافهم القانوني بالجندر بدلًا من دليل على تعريفهم/ن الذاتي كعابرين/ات جندريًا. ومع ذلك، فإن حالة الاعتراف القانوني بالجندر في سوريا قد تختلف من منطقة إلى أخرى بسبب إعادة التوطين بعد الحرب.
السوابق القضائية في الاعتراف القانوني بالجندر:
- القضية رقم 80، القرار 234/2017: قدم المدعي، المسمى “أحمد”، التماسًا إلى محكمة الأحوال المدنية السورية للخضوع لتدخل جراحي يشار إليه عادة باسم “تغيير الجنس” بسبب سماته كثنائي الجنس، غياب الخصائص الأنثوية، ووجود الكروموسومات الذكورية السائدة. بعد تقييم شامل للأدلة الموثقة جيدًا للمدعي فيما يتعلق بحالتهم منذ الطفولة، تشوهات الكروموسومات، مظاهر الأعضاء التناسلية للذكور، وافقت المحكمة المدنية على الإجراء الطبي المطلوب وبالتالي قامت بتحديث المستندات الرسمية للمدعي وفقًا لذلك.
- رقم القضية غير معروف عام 2023: قدم المدعي، المسمى “ناجي”، طلبًا إلى محكمة الأحوال المدنية السورية، بهدف تعديل خانة الجنس على أوراق هويته الرسمية، وكذلك اسمه القانوني. كان الغرض من هذا الطلب هو معالجة خصائصه ثنائية الجنس ووجود اضطراب الهوية الجندرية. بعد فحص شامل، وافقت المحكمة على التماس المدعي، بشرط أن تتضمن مستنداته مؤشرًا يشير إلى وضعه ثنائي الجنس.
الحصول على الرعاية الصحية المؤكدة للجندر:
لا توجد طريقة معروفة للأشخاص العابرين/ات جندريًا للبحث عن رعاية صحية مؤكدة للجندر. تمكن الأفراد ثنائيو/ات الجنس من البحث عن الرعاية الصحية بعد تقديم التماسات إلى محكمة الأحوال المدنية السورية. ومع ذلك، تختلف حالة الرعاية الصحية في سوريا من منطقة إلى أخرى بسبب إعادة التوطين في الحرب.
الفتاوي:
لا توجد فتاوى محددة تتعلق بالأفراد العابرين/ات جندريًا صادرة عن السلطات الدينية في البلاد. ومع ذلك، نظرًا لأن البلاد تتبع الإسلام السني، فإن الفتاوى الصادرة عن السلطات السنية الموقرة مثل الأزهر في مصر ومجلس الفقه الإسلامي في المملكة العربية السعودية تعتبر قابلة للتطبيق. تمنع هذه الفتاوى الأفراد العابرين/ات جندريًا من السعي للحصول على رعاية صحية تؤكد الجنس وتقصر عمليات تصحيح الجنس على الأفراد ثنائيي/ات الجنس فقط.
أخرى:
تتشابك الأنظمة السياسية والقضائية في سوريا بشكل معقد مع الصراع السياسي المستمر. تتضمن الديناميكيات متعددة الأوجه فصائل مختلفة تتنافس على السلطة، مما أدى إلى حالة تحكمها الحكومة في بعض الأماكن والمسلحين الذين يحكمون أماكن أخرى. وللأسف، لا تلتزم هذه الميليشيات باستمرار بمبادئ الإجراءات القانونية الواجبة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالأفراد الذين يخرجون عن المعايير المجتمعية. وبسبب النزاع المستمر، ينطبق التشريع المذكور أعلاه على الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة.