ملخص:
في ليبيا، هناك تجريم على أرض الواقع لعدم المطابقة الجندرية وعملية العبور، والتي تشمل الجوانب الاجتماعية، الطبية، والجراحية. يتم إنفاذ ذلك من خلال أحكام قانونيةٍ تتعلق بالأفعال غير اللائقة والمواقعة غير المشروعة. حددت الأحكام الدينية الأخيرة في البلاد استخدام مصطلح “الجندر” على أنه حرام، وأنه غير مسموح به دينيًا. وبالتالي، فإن الأفراد الذين يستخدمون/ن هذه المصطلحات في وسائط الإعلام والمؤسسات الحكومية يتعرضون/ن للعقاب.
يواجه الأفراد العابرين/ات جندريًا عقباتٍ كبيرةً عند محاولتهم/ن الوصول إلى الرعاية الصحية المؤكدة للجندر. علاوةً على ذلك، تظل مسألة توافر هذه الرعاية موضوع خلافٍ للأفراد ثنائيي/ات الجنس. بالإضافة إلى ذلك، لا يوجد إطار قانوني راسخ للاعتراف بالجندر، ولم يُبَلَّغ عن أي محاولاتٍ للاعتراف بالجندر في المحاكم الليبية. إن الصراع السياسي المستمر الذي اجتاح البلاد منذ عام 2011 يزيد من تفاقم هذه التحديات. تنتقم الميليشيات المسلحة من الأفراد متنوعين/ات الجندر وأفراد مجتمع الميم عين دون منحهم/ن حقوق الإجراءات القانونية الواجبة.
التجريم:
تنفيذ على أرض الواقع: لا توجد قوانين صريحة تجرم العبور الاجتماعي، الطبي، أو الجراحي. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن عدم المطابقة الجندرية يُجرَّم فعليًا استنادًا إلى مواد “الجرائم الجنسية”، كما يتضح من المواد القانونية التالية من قانون العقوبات:
- مادة 407:
المواقعة: [ … ] وكل من واقع إنسانًا برضاه يعاقب هو وشريكه بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات.
- مادة 408:
هتك العرض: [ … ] وكل من هتك عرض إنسان برضاه يعاقب هو وشريكه بالحبس.
- مادة 421:
الأفعال أو الأشياء الفاضحة: كل من ارتكب فعلاً فاضحاً في محل عام مفتوح أو معروض للجمهور يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز خمسين ديناراً.
وتطبق العقوبة ذاتها على من أخل بالحياء بتوزيع رسائل أو صور أو أشياء أخرى فاضحة أو بعرضها على الجمهور أو طرحها للبيع، ولا يعد شيئاً فاضحاً النتاج العلمي أو الفني إلا إذا قدم لغرض غير علمي لشخص تقل سنه عن الثامنة عشرة ببيعه له أو عرضه عليه للبيع أو تيسير حصوله عليه بأية طريقة.
إن مجرد مناقشة موضوع العبور يُعتَبَر أمرًا مُهينًا، خاصةً في ضوء الفتوى الأخيرة الصادرة عن مجلس البحوث والدراسات الشرعية الليبي (دار الإفتاء). تعلن الفتوى صراحةً استخدام مصطلح “الجندر” كحرام، وتدعو إلى فرض عقوبةٍ شديدةٍ على من يستخدمون/ن هذا المصطلح، خاصة داخل الإدارات الحكومية وعلى الوثائق الرسمية.
الإنفاذ:
هناك نقص في الوثائق الموثوقة والمُحدَّدة المتعلقة باستهداف العابرين/ات جندريًا في ليبيا. ومع ذلك، تُسلِّط المنظمات غير الحكومية المحلية الضوء باستمرارٍ على الحالات التي يتعرض فيها أفراد مجتمع الميم عين بشكلٍ عامٍ للاعتقال، التعذيب، والإذلال العلني من خلال نشر صورٍ مهينة، وحتى حالات الاختفاء القسري.
- وكثيرًا ما يُقال إن مرتكبي هذه الأعمال هم ميليشيات تابعة للحكومة، مثل كتيبة النواسي، على الرغم من أن الميليشيات غير الحكومية قد تتحمل أيضًا المسؤولية في الحالات التي لا تتدخل فيها الحكومة.
- في 27 يناير 2023، ذكرت شبكة إخبارية اعتقال ثمانية أفراد وُجِّهَت إليهم تهمة الفجور وحُكِم عليهم بعد ذلك بالسجن. ووصفوا هؤلاء الأفراد بأنهم “شبكة إجرامية”.
- في 28 ديسمبر 2023، أصدرت وسائل الإعلام لقطاتٍ غير واضحةً إلى جانب العنوان التالي: صور: جهاز الأمن الداخلي، بقيادة لطفي الحراري، يعتقل عددًا من طلاب الجامعات والشباب الليبيين الذين يتبنون فكر الإلحاد، المثلية الجنسية، والانحراف الجنسي. # ليبيا.
الاعتراف القانوني بالجندر:
لا توجد في الوقت الحالي آلية قانونية ثابتة متاحة للأفراد العابرين/ات جندريًا لمتابعة الاعتراف القانوني بالجندر. وتتسم العملية الحالية لتغيير وتصحيح القيود في سجل الأحوال المدنية بالغموض، مما يسمح بإشراك أطراف متعددةٍ في عملية الإصلاح، وتستلزم الحصول على إذنٍ قضائيٍ وفقًا للأحكام المنصوص عليها في الأحكام المنطبقة من قانون الأحوال المدنية (القانون 36/1968).
- المادة 47:
تقام دعوى التصحيح أو التغير من ذوي الشأن ضد البلدية المختصة، وتجوز إقامتها من أمين السجل المدني ضد صاحب الشأن، وتمثل النيابة العامة في الدعوى في جميع الأحوال.
ويقوم المدعي بإعلان ملخص للدعوى في الصحف المحلية ثلاث مرات في أيام مختلفة وعلى لوحة الإعلانات بالبلدية المختصة ولا تنظر الدعوى إلا بعد شهر من تاريخ أخر إعلان في الصحف.
- المادة 48:
على قلم كتاب المحكمة أن يخطر مكتب السجل المدني المختص بمجرد قيد دعوى التصحيح أو التغير، ويجوز لأمين السجل ولكل ذي شأن أن يتدخل في الدعوى.
السوابق القضائية في الاعتراف القانوني بالجندر:
لم يتم العثور على حالاتٍ معروفةٍ لمحاولات الحصول على اعترافٍ قانونيٍ بالجندر في ليبيا.
الرعاية الصحية المؤكدة للجندر:
لا يزال الوصول إلى الرعاية الصحية المؤكدة للجندر مُتَعَذِّرًا على الأفراد العابرين/ات جندريًا في ليبيا. على الرغم من أن العمليات التصحيحية مسموح بها تقنيًا للأفراد ثنائيي/ات الجنس، فإن الوصول إلى هذه الرعاية مُتَنَازَع عليه بين نشطاء الميم عين. على الرغم من عدم وجود أحكام قانونية صريحة تحظر على المتخصصين/ات في الرعاية الصحية تقديم رعاية موكدة للجندر للمرضى، فإن استبعاد مصطلح “الجندر” داخل وزارة الصحة، كما لوحظ سابقًا، يعني معارضة الوزارة لتقديم مثل هذه الرعاية. حتى الآن، لم تكن هناك تقارير مُوَثَّقَة تربط صراحةً الرعاية المؤكدة للجندر كمبررٍ لاعتقال الممارسين/ات الطبيين/ات في ليبيا.
الفتاوي:
أصدرت السلطات الدينية الليبية فَتْوَتَيْن مُهِمَّتَيْن تناقشان موضوع الرعاية الصحية المؤكدة للجندر.
- رقم الفتوى 3732/2019: التحقيق المطروح يتعلق فقط بتغيير خانات الجنس في الوثائق القانونية للأفراد ذوي/ات السمات ثنائية الجنس. وفي هذا الصدد، تستشهد لجنة الإفتاء بالفتوى الصادرة عن مجلس الفقه الإسلامي بعد مجلسه الحادي عشر في عام 1989، والتي تسمح بالتدخل الطبي في الحالات التي يكون فيها المريض ثنائي/ـة الجنس، على أن يكون الهدف هو استعادة الصحة وليس تعديل الخلق الإلهي.
- رقم الفتوى 4631/2021: ضمن هذه الفتوى، تشير لجنة الإفتاء للدولة إلى مجلس الفقه الإسلامي ردًا على استفسارٍ أجراه شخص ثنائي الجنس يطلب التوجيه بشأن العمليات الجراحية التصحيحية والرعاية الصحية. تسمح لجنة الإفتاء بتوفير إجراءات الرعاية الصحية هذه وتعديل الوثائق الرسمية لتعكس بدقة الهوية الجندرية للأفراد ثنائيي/ات الجنس، إذا لزم الأمر. ومع ذلك، لا تُمنح هذه التدابير للأفراد العابرين/ات جندريًا، كما هو مُبَيَّن في الفتوى.
اخري:
تتشابك الأنظمة السياسية والقضائية في ليبيا بشكلٍ مُعقدٍ مع الصراع السياسي المستمر. تشمل الديناميكيات متعددة الأوجه فصائل مختلفةً تتنافس على السلطة، مما يؤدي إلى دولةٍ تحكمها الميليشيات المسلحة. وللأسف، لا تلتزم هذه الميليشيات باستمرارٍ بمبادئ الإجراءات القانونية الواجبة، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالأفراد الذين يخرجون/ن عن المعايير المجتمعية. للأسف، من المُسَلَّم به على نطاقٍ واسعٍ داخل المجتمع أن العديد من النشطاء والأفراد الذين تم تحديدهم/ن على أنهم/ن من أفراد مجتمع الميم عين قد تعرضوا/ن لحالات اختفاءٍ قسريٍ بعد التعبير عن آرائهم/ن أو هويتهم/ن بشكلٍ علنيٍ للغاية. ومما يثير القلق أن صحتهم/ن مكان وجودهم/ن لا يزالان غير معروفَيْن، حتى بعد مرور سنواتٍ على وقوع هذه الحوادث. وبسبب النزاع المستمر، ينطبق التشريع المذكور أعلاه على الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة.