القوات الاسترالية النيوزلندية امام الاهرامات في العام 1915

معركة حارة الوزير: مقاومة العاملات بالجنس التجاري

حارة الوزير، أحدي الحواري العديدة في منطقة وش البركة، التي كان ينتشر بها الجنس التجاري المقنن والحانات في مطلع القرن التاسع عشر ومعركة حارة الوزير هي معركة فضل المصريين أن ينسوها لسبب أو لأخر، بينما يتذكرها الأسترالي والنيوزيلندي فما هي معركة حارة الوزير؟

وُضعت مصر رسميًا تحت “الحماية البريطانية” في بداية الحرب العالمية الاولي، حيث كانت مصر رسميًا تتبع الإمبراطورية العثمانية. أثناء الحرب العالمية الاولي قرر الانجليز استخدام موقع مصر الإستراتيجي لمصلحتهم وأصبحت مصر قاعدة انطلاق للجيوش البريطانية في حروبها في الشرق الأوسط ضد العثمانيين وفى العام 1915 حضر الي القاهرة القوات الأسترالية والنيوزيلندية للإقامة بها موقتًا حتى يتم أرسالهم إلى المعارك في تركيا. كان معسكر هؤلاء الجنود بالقرب من منطقة الاهرامات مما سمح لهم النزول إلى القاهرة بسهولة لتقضيه أوقات الراحة والإجازات هناك وبالتحديد في منطقة وجه البركة حيث كان من السهل لهؤلاء الجنود الحصول على المتعة والشراب بسعر يمكن التفاوض عليه وهكذا أستمر الحال حتى الثاني من ابريل في العام 1915 حين حدثت معركة حارة الوزير بين هؤلاء الجنود من جهة والعاملين/ات بالجنس التجاري والأهالي من جهة اخري.

عدد من المارة يتفقد الوضع فى المنطقة ما بعد المعركة

تعددت الأسباب والنتيجة واحدة:

اختلفت الروايات فيما يخص الأسباب التي أدت الى بدأ هذه المعركة, حيث يلوم البعض وجود القوات البريطانية بشكل عام في مصر وعدم احترامهم الأهالي مما أدي إلي اشتعال روح المقاومة الوطنية بين المثقفين أولا ثم أنتشارها إلى عامة الشعب، حيث يُحكى إن العاملات المصريات بالجنس التجاري كُن يرفُضن تقديم خدماتهن إلى قوات الإنجليز، مما دعي السلطات الإنجليزية إلى السماح بقدوم العاملات الأجنبيات إلى مصر ويقال أيضا أن السبب هو انتشار الأمراض التناسلية بين الجنود في تلك الفترة بسبب زياراتهم لوش البركة وزيادة الأسعار بشكل مبالغ فيه وسوء جودة البيرة المقدمة إلى الزبائن ويقال أيضا أن السبب هو أحد الجنود الأستراليين تفاجي بوجود أخته في احدي البيوت، مما دفعة إلي محاولة خطفها من البيت واصطحابها معه مما ادي إلي معركة بينه وبين صاحبة البيت ويقال أيضا أن السبب كان أحد الجنود من عرقية الماوري السكان الأصليين لنيوزلندا حاول الدخول إلى احدى البيوت ولكن تم رفضة من قبل العاملات لأن بشرته “غامقة جدا”.  على الأرجح انه لا يوجد سبب واحد محدد لحدوث تلك المعركة وعلى الأرجح انه كان مزيج من أسباب عديدة أدت الى حالة احتقان بين الجنود والعاملين/ات بالجنس التجاري بالمنطقة.

بداية المعركة:

كان يوم الثاني من ابريل 1915 الموافق يوم الجمعة العظيمة أي يوم عطلة للجنود المسحيين فامتلأت شوارع وش البركة بالجنود الباحثين عن المتعة وبدأت المعركة بالتحديد من المنزل رقم 8 في درب المباليطين، حيث تفاجئ المارة بسقوط الأثاث من النوافذ وثم قيام بعض الجنود بإشعال النار في المبني بالكامل ومن ثم بدا جميع الجنود في المنطقة بتخريب واحراق بعض بيوت الدعارة في المنطقة ومهاجمة العاملين/ات بها مما دعي بعض العاملين/ات الى القيام باستخدام الأثاث لإقامة حواجز في الشوارع والرد على الجنود بالطوب والعصي وسرعان ما حضرت الشرطة المصرية أولا لتحاول أن تقوم بالفصل بين الأهالي والجنود ولكن الجنود اعتقدوا أن الشرطة تعاون الأهالي وقاموا بمهاجمتهم, مما أدي لحضور الشرطة العسكرية الإنجليزية إلي المكان واطلاق النار في المكان لتفريق الجنود المخربين فصارت معركة ما بين الجيش الواحد ومع انتهاء المعركة كان قد جرح 4 جنود برصاص الشرطة العسكرية الإنجليزية 

تحقيق صوري:

قامت القوات الإنجليزية بعد ذلك بإقامة تحقيق صوري بقيادة الكولونيل فردريك هيجينز وقاوم الضباط الأستراليين والنيوزيلنديين التهم الموجه لجنودهم بالقيام بأعمال شغب وفشل التحقيق في استدعاء الشهود لسبب أو لأخر وانتهي التحقيق سريعا بحجة الحاجة إلي الجنود على الجبهة في تركيا وتم دفع 1700 جنيه إسترليني كتعويضات على الرغم من أن الخسائر قدرت بحوالي 100 الف جنيه إسترليني وأعلنت قوات الاحتلال اغلاق جميع الحانات وبيوت الدعارة في المدن الكبرى في مصر وتم أغلاق تلك الصفحة في الذاكرة المصرية على الأقل, بينما يمكن أن تجد رسائل وأرشيف كامل خاص بتلك المعركة لدي الأستراليين والنيوزلنديين.

وعلى الأغلب فضلت السلطات المصرية والمثقفين أن يمحوا ذكري تلك المعركة من التاريخ، فهي تمثل شيئين مهمين الأول منهما مدي ضعف الحكومة المصرية في فرض سيادتها في عاصمتها ومدى تبعيتها في تلك الفترة للمحتل الإنجليزي وثانيها أن المعركة الوحيدة التي حدثت بين مصريين وانجليز في تلك الفترة حدث من قبل فئة كان ينظر إليها بدنويه في المجتمع المصري وهي فئة العاملين/ات بالجنس التجاري الذين لم يفقدوا وطنيتهم للحظة وقمن بالدفاع عن بيوتهم أمام عُصبة من الجند المحتل ولكن تبقى معركة حارة الوزير من الأحداث التاريخية التي يجب أن يتذكرها المصري قبل الأجنبي فمن ينسي ماضيه لا يمتلك حاضره.

عاملة بالجنس التجاري تقف خلف التحصينات 

عدد من الاطفال والجنود امام احدي المباني المحترقة

ما بعد المعركة