Search
Close this search box.

|

مُذنِب/ة جنسيًا: الأخلاق العُرفية واضطهاد مجتمع الميم عين في مصر دراسة عن الأساليب التي تتبعها الدولة المصرية لاضطهاد الأفراد الكويريين/ات وانتهاكاتها لسيادة القانون والمعاهدات الدولية من 2001 إلى 2021

إن المجتمع المصري ثنائيٌ ومحافظٌ بشكلٍ عام، حيث تُعتبر أي هويةٍ خارجة عن الثنائي الاجتماعي الضيق المُصدَّق عليه غير أخلاقيةٍ ومن المُحرَّمات. وبالتالي، في هذه الظروف، ليس من المفاجِئ أن يُنظَر إلى هويات مجتمع الميم عين على أنها منحرفة، حيث وصفها البعض بأنها منتج غربي يهدف إلى إفساد شباب مصر؛ هذا السرد مهيمنٌ في المجتمع المصري، كما يتضح من استطلاعٍ من عام 2013 من مركز بيو للأبحاث أن 95٪ من المصريين/ات يعتقدون/ن أن المثلية الجنسية لا ينبغي أن يقبلها المجتمع. وبالتالي، يُواجِه أفراد مجتمع الميم عين الوصم الاجتماعي، التمييز، والعنف في هذه الظروف من الكراهية الاجتماعية.

من ناحية أخرى، لم تفشل الدولة في تنفيذ الحماية المُيسَّرة ضد العنف والتمييز ضد مواطنيها من مجتمع الميم عين فحسب، بل روجت أيضًا بنشاطٍ للكراهية ضد مجتمع الميم عين. تكتسب الدولة المصرية شرعيتها من العمل كحامية أخلاقية للقيم والتقاليد المصرية؛ وهذا الدور حيويٌ لأن الدولة كثيرًا ما لا تفي بالتزاماتها الاقتصادية والسياسية الأخرى تجاه مواطنيها. وبالتالي، للحفاظ على صورتها كحامية أخلاقية، تهدف الدولة إلى استهداف أولئك الذين يصفهم/ن المجتمع بأنهم/ن “فاسدون/ات”، مما لا يشمل فقط مجتمع الميم عين، ولكن أيضًا العاملين/ات بالجنس، النساء المتحررات، وحتى الفتيات البريئات اللاتي يرقصن فحسب على تطبيق TikTok. لعقودٍ من الزمان، خلقت الدولة وَهْم “معركةٍ أخلاقيةٍ” بأنهم يقاتلون ضد مجتمع الميم عين “المنحرف”. وتُتِيح هذه “المعركة الأخلاقية” للدولة أن تُصوِّر نفسها على أنها الحامي الوحيد للأخلاق في المجتمع وأن تحتكر تفسير القوانين. غالبًا ما يكون هذا التفسير مُحرَّفًا باسم الأخلاق. كما أن التضحية بمجتمع الميم عين من قِبَل الدولة يُغذي العنف الاجتماعي الذي ترعاه الدولة ضد المجتمع.

يحقق التقرير في كيفية استخدام الدولة المصرية للأخلاق العرفية لتبرير تفسير القوانين لمحاكمة مجتمع الميم عين. لا تمتلك مصر أي قوانين تُجرِّم هويات مجتمع الميم عين، ولكنها تعتمد على العديد من قوانين الأخلاق، مثل القوانين المتعلقة بالعمل بالجنس (10/1961)، القوانين المتعلقة بالآداب العامة (المادة 269 مكرر من قانون العقوبات)، والقوانين المتعلقة بالجرائم الإلكترونية (المادة 25 من القانون رقم 175/2018)، أنشأت الدولة المصرية نظامًا قائمًا على التفسير الأخلاقي لتلك القوانين لتسهيل محاكمتها لمجتمع الميم عين؛ يعمل هذا النظام كسلسلة، حيث تقوم كل من الشرطة ومكتب المدعي العام والقضاء بدورها لضمان تفسير القوانين على أنها تعني تجريم أفراد مجتمع الميم عين.

يعرض التقرير كيفية عمل هذه السلسلة من خلال تحديد أداء وكالات الدولة في قضايا مجتمع الميم عين. يتناول الفصل الأول أربع قضايا رئيسية لمجتمع الميم عين من عام 2001 إلى عام 2018: الكوين بوت؛ زواج المثليين؛ باب البحر؛ وحادثة علم قوس قزح. يحلل الفصل الثاني بشكلٍ متعمقٍ كيف تنتهك وكالات الدولة الإجراءات القانونية الواجبة والحماية الدستورية لإنشاء سلسلة تمييزٍ ضد مجتمع الميم عين؛ ويعمل هذا النظام بشكلٍ أساسيٍ دون أُسُسِ قانونية، ويعتمد بشكلٍ أساسيٍ على التحيُّز الأخلاقي وتفسيرات مسؤولي الدولة. يُحقِّق الفصل الثالث في انتهاكات سيادة القانون والسلامة الجسدية في هذه الحالات وكيف أن هذه الانتهاكات لا تنتهك القانون الوطني فحسب، بل تنتهك أيضًا التزامات مصر الدولية. كما يشير هذا الفصل إلى فشل المجتمع الدولي في معالجة هذه القضية في مصر، بحجة أن الأهمية الجيوسياسية لمصر تمنع الدول الأخرى من سن سياساتٍ خارجيةٍ أكثر متعلِّقة بحقوق الإنسان. أخيرًا، يشير التقرير إلى أن النظام والأساليب التي تستخدمها وكالات الدولة في هذا التقرير تنطبق على جميع أولئك الذين يعتبرون/ن غير أخلاقيين/ات من قبل الدولة، بما في ذلك مجتمع الميم عين.

يهدف التقرير إلى تقاطع حقوق مجتمع الميم عين مع قضايا أخرى تعاني مصر منها، وأبرزها غياب سيادة القانون، إساءة معاملة المحتجزين/ات، فساد القضاء، وحشية الشرطة، الافتقار إلى وسائط الإعلام المهنية، عدم الوفاء بالالتزامات الدولية، وانتهاكات حقوق المحاكمة العادلة، انتهاك الحقوق الدستورية في الخصوصية والمساواة ومكافحة التمييز، والسماح للتحيز الاجتماعي والأخلاقي بالتأثير على القانون والسياسة في البلد. من خلال القيام بذلك، يضع التقرير حقوق مجتمع الميم عين في سياق سجل حقوق الإنسان في مصر الذي يستمر في التدهور، والذي يؤثر على جميع مواطنيها بدرجاتٍ مختلفة، حيث تواجه الفئات المُهمَّشة مثل أفراد مجتمع الميم عين انتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان. يهدف التقرير أيضًا إلى الكشف عن كيفية عمل أخلاقيات الدولة العرفية في مصر وكيف يتم استخدام هذه الأخلاق لتبرير الانتهاكات ضد مجتمع الميم عين.

Author

انشر: