سلسلة أرشيف العابرين/ات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: فهم الفقه الحديث عن بينيي/ات الجنس والعابرين/ات جندريًا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

يتحكم الفقه الإسلامي بشكل كبير في حياة الأفراد المتحولين جنسيًا وذوي الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. منذ العصور الإسلامية الأولى، طور العلماء فقهًا مميزًا للهويات الجنسانية غير الثنائية، حيث صنفوها إلى هويات اجتماعية مثل “المخنثين” وهويات بيولوجية مثل “الخنثى”. وقد اختلفت المعاملة لهذه الهويات، حيث اتفق معظم العلماء على أن الهويات الاجتماعية لا ينبغي قبولها، وأن الأفراد المنتمين إليها يجب أن يُدعون للتوبة والعودة إلى جنسهم الثنائي الذي وُلدوا به. بينما كانت الهويات البيولوجية تُعتبر من خلق الله، وبالتالي يجب على البشر عدم الاعتراض عليها. لذلك، كانت الهويات البيولوجية مقبولة إلى حد ما، وتم تطوير قواعد فقهية محددة لها. ومع ذلك، كانت هذه القبولية محدودة، حيث كان من المتوقع أن يلتزم الأفراد اجتماعيًا بأحد الجنسين الثنائيين.

في العصر الحديث، عادت قضية الهويات الجنسانية غير الثنائية للظهور مع تقدم العلاجات الطبية التي تسمح للأفراد بالتحول إلى جنس آخر غير الجنس الذي وُلدوا به. سعى العلماء الذين يهدفون إلى الحفاظ على الثنائية الاجتماعية-الدينية إلى تنظيم الأمر من خلال فحص الضرورة الطبية لكل من الهويات الاجتماعية (أي العابرين/ات جنسيًا) والهويات البيولوجية (أي بينين الجنس). وقد تعامل جميع العلماء مع كلتا الهويتين على أنهما أفراد يعانون من أمراض، سواء كانت نفسية (للعابرين/ات جنسيًا) أو بيولوجية (بينين الجنس). وبما أن المسلمين يجب أن يسعوا لعلاج أمراضهم، بدأ العلماء في فحص العلاجات المحتملة. وفي النهاية، استنتج الأغلبية أن الأفراد المتحولين جنسيًا، الذين هم بالفعل بيولوجيًا داخل الثنائية، ليس لديهم ضرورة طبية للخضوع للرعاية الصحية لتأكيد جنسهم، ويجب بدلاً من ذلك توجيههم نحو العلاج لمعالجة اضطرابهم النفسي. أما بالنسبة للأفراد بينين الجنس، فقد اعتُبرت جراحات إعادة تحديد الجنس وسيلة مثالية لدمجهم في الثنائية وتعيين دورهم الجنسي الاجتماعي والديني.

يُعد هذا الفقه الحديث، بتفسيراته المختلفة، الأساس لكيفية تعامل القوانين والسياسات مع الأفراد العابرين/ات جنسيًا ولبينين الجنس. وقد حظرت العديد من الدول الرعاية الصحية لتأكيد الجنس وروجت للعلاج التحويلي للأفراد العابرين/ات جنسيًا، في حين أجبرت الأفراد بينين الجنس على إجراء جراحات إعادة تحديد الجنس لدمجهم طبيًا في الثنائية الجنسية. تحقق هذه الورقة في تطور الفقه الحديث من خلال تحليل 17 فتوى صدرت من الثمانينيات وحتى يومنا هذا. وتهدف إلى تحديد المبادئ الفقهية التي استخدمها العلماء للوصول إلى هذه الأحكام وتوضح كيف ينعكس تطبيق هذه الفتاوى في القانون والسياسات أو في السوابق القانونية في قضايا الاعتراف القانوني بالجنس في المنطقة.

Author

وسوم:
انشر: