Tramadol Online Next Day Delivery Tramadol 100Mg Online Overnight Buy Watson Carisoprodol 350 Mg Cheap Tramadol Online Uk Tramadol Online Cod Overnight

من باب المستشفى لباب العيادة: رجل عابر في مواجهة النظام الطبي بالقصر العيني

بصفتي رجل عابر جندريًا يعيش في مصر، كان هدفي النهائي هو تغيير خانة الجنس في وثائقي الرسمية (بطاقة هويتي الوطنية وجواز سفري) بحيث يعكسا هويتي الحقيقية. ومع ذلك، اكتشفت أنه لا يوجد طريق رسمي لإثبات ذلك. لذلك، ذهبت إلى الخيار الوحيد المتاح، وهو الخضوع لتقييمٍ لتَلقِّي تقريرٍ طبيٍ يُشخِّصني باضطراب الهوية الجندرية، وهي حالة تعترِف بها السلطات الطبية على أنها عدم تطابقٍ بين الجنس المُحدَّد للفرد عند الولادة وهويته الجندرية. عادةً، في بلدانٍ مختلفة، لا يكون الطريقان منفصلَيْن وإنما متشابكان، حيث أن التقييم النفسي هو الخطوة الأولى، مع جراحات تأكيد الهوية وتغييرات خانة الجنس بعدها. 

إن المكان الوحيد الذي تمكنت من الوصول إليه هو عيادة اضطراب الهوية الجنسية في القصر العيني، وهو مستشفى عام في القاهرة. تعمل هذه العيادة تحت قسم علم النفس بالمستشفى وتهدف إلى تقديم تقديراتٍ شهريةٍ للأفراد العابرين/ات جندريًا. من ديسمبر 2023 إلى مايو 2025، حَضَرْتُ العيادة مرةً واحدةً في الشهر، وأكملت 12 جلسةً في المجموع، على أمل أن يساعدني التقرير الناتج في الوصول إلى جراحات تأكيد الجندر وتغيير مستنداتي القانونية في النهاية.

لقد عَلِمت لأول مرةٍ بالعيادة من خلال صديق. لم تكن هناك معلومات في أي مكانٍ عن العيادة، لكنني لم أجد سوى إشاراتٍ إلى عياداتٍ أخرى في القاهرة في الحسين والدمرداش. ومع ذلك، علمت لاحقًا أنهم قد أغلقوا، وأن الأسباب الكامنة وراء إغلاقهم كانت غير مُوثَّقةٍ وغامضة، وأن الخبر الوحيد الذي استطعت العثور عليه يشير إلى حرق مبنى الحسين في عام 2018. ومع ذلك، لم أكن متأكدًا أبدًا مما إذا كان هذا الحادث مسؤولًا حقًا عن إغلاق العيادة، خاصةً وأن عياداتٍ أخرى في نفس المبنى استأنفت عملها بعد ترميمها. كما أنني لم أكن أعرف أي عياداتٍ تعمل بنفس الطريقة خارج القاهرة، لذلك ظل القصر العيني هو الخيار الوحيد المتاح لي.

تطلبت كل زيارة للعيادة جهدًا نفسيًا وجسديًا هائلَيْن. كانت الجلسات تُعقَد في أول يوم أحدٍ من كل شهر، ولتأمين مكان، كان علَيَّ أن أستيقظ في وقتٍ مبكرٍ من الساعة 5 صباحًا، وأحيانًا قبل ذلك، وهو أمر مرهق جسديًا، خاصة إذا كان لدي عمل أو محاضرات في الليلة السابقة له.  سُمِح الحضور لـ 35 شخصًا فقط شهريًا، ومع ذلك كان يحضر أكثر من 50 شخصًا، في محاولةٍ يائسةٍ لرؤيتهم/ن. وضع هذا ضغطًا عقليًا كبيرًا، حيث أن التأخر حتى لبضع دقائق قد يعني فقدان مكانك والانتظار لمدة شهرٍ آخر، مما يمدد فرصة الحصول على التقرير الطبي التشخيصي لمدة شهرٍ إضافي. 

كان الجو فوضويًا: هرع المرضى بين الغرف للتسجيل، استعادة ملفاتهم/ن، وإكمال التقييم، كل ذلك تحت الضغط وعدم اليقين. بمجرد أن تَمكَّنْتُ من إنهاء العملية لهذا اليوم، شَعَرْتُ وكأنها ارتياح مؤقت قبل أن تبدأ دورة الإحباط البيروقراطي مرةً أخرى في الشهر التالي. 

نشأ هذا الاكتظاظ من النقص الحاد في الكوادر المُتخصِّصة (حيث كانت العيادة تعمل مع طبيبَيْن أو ثلاثة فقط، بما في ذلك رئيس الأطباء النفسيين، ومعظمهم من علماء النفس العام الذين لم يتلقوا/ين تدريبًا متخصصًا في اضطراب الهوية الجندرية) وحقيقة أن هذه العيادة كانت الخيار الوحيد للأشخاص العابرين/ات جندريًا بعد إغلاق جميع العيادات المُماثِلة الأخرى في مصر. 

في بداية عام 2024، عندما بدأت في حضور الجلسات لأول مرة، كان الاستيقاظ مبكرًا لا يزال من الممكن التحكم فيه. عادة ما أَصِلُ حوالي الساعة 8 أو 9 صباحًا، وهو ما كان يعتبر مبكرًا بما فيه الكفاية في ذلك الوقت. ومع ذلك، بحلول أواخر عام 2024 وأوائل عام 2025، تَغيَّر الوضع بشكلٍ كبير. عندما بدأت العيادة في جذب المزيد من الاهتمام بين مجتمع العابرين/ات جندريًا في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وبالتالي أصبحت أكثر ازدحامًا، لم يعد الوصول في الساعة 8 صباحًا كافيًا. حتى أن بعض الناس أمضوا/ين الليل في المستشفى لمجرد تأمين مكان، مما يجعل الساعة 6 صباحا، أو حتى قبل ذلك، هي المعيار الجديد للوصول. شيء لا يقع اللوم فيه على الأشخاص العابرين/ات جندريًا أنفسهم/ن، بل تنظيم المستشفى والعيادة. 

مع ازدحام الجلسة، بدأ بعض الأشخاص بالتطوع لشراء تذكرة الجلسة من أجل الآخرين/ات (التي تم الحصول عليها في كل جلسةٍ لحجز الجلسة قبل الدخول لتأمين مكان)، للمساعدة في تخفيف عبء الاضطرار إلى الانتظار في طابور ودفع 10 جنيهات (حوالي 0.2 دولار) للتذكرة، ملأ جميع المعلومات، والانتظار مرةً أخرى حتى إصدار التذكرة ثم الانتظار حتى يتم استدعاؤك لدخول العيادة. كانت هذه لفتةً لطيفةً أظهرت التضامن فيما بدا أنه مجتمع قوي من الأشخاص الذين يتشاركون/ن معاناةً مشتركة، ولكنها أظهرت في الوقت نفسه الطبيعة الفوضوية للعيادة والافتقار إلى التنظيم.

بالإضافة إلى ذلك، أدى هذا الازدحام إلى تغييرٍ في سلوك الموظفين/ات (الطبيب والطاقم المُنَظِّم الذين كانوا/ن ينادون/ين بأسمائنا للدخول)؛ كان البعض يصرخ في وجهنا، والبعض الآخر حبسنا في منطقة انتظارٍ خارج العيادة حيث تم إغلاق جميع الأبواب دون أي مخرجٍ حتى يحين وقت جلساتنا. كان هذا الإجراء هو الأكثر إذلالًا، حيث شَعَرْتُ وكأنها سجن أو حديقة حيوانات، خاصةً مع وجود بابٍ بهذه المنطقة به قضبان حديدية حيث يمكن للأشخاص خارجها، الذين يحجزون جلساتهم/ن، رؤيتنا، وحيث شاهدت الكثير من الناس بيننا يُضْحَك عليهم/ن أو يتم السخرية منهم/ن من قبل الغرباء.

عَرِف المرضى المتجانسون/ات جندريًا (غير العابرين/ات جندريًا) بوجودنا، وأين نحن موجودون/ات أثناء الانتظار، وقد أدى ذلك في بعض الأحيان إلى ظهور خلافاتٍ بين الأشخاص العابرين/ات والمرضى الآخرين/ات، حيث يَتَحَمَّل الأشخاص العابرون/ات في الغالب اللوم على ذلك، ويتم تهديدهم/ن بإغلاق العيادة. لذلك، وغني عن القول، لم تكن مساحةً آمنةً أو مساحةً لتخفيف التوترات التي نمر بها، بل كانت مساحةً تزيد من هذه التوترات.

عندما جئت إلى العيادة لأول مرة، كنت أتوقع شيئًا مختلفًا، وهو أنني سأحصل على الوقت الكافي للتحدث عن مخاوفي والحصول على إجاباتٍ لما سيحدث في رحلتي. كانت الجلسة الأولى مع طبيبٍ عام، في غرفةٍ منفصلةٍ للطب العام، كان ودودًا ومُرحِّبًا للغاية وأعطاني الوقت للتحدث. ومع ذلك، عند دخولي عيادة اضطراب الهوية الجنسية نفسها، وجدت أن الجلسات كانت في مجموعاتٍ من 3-4، ولم تستغرق كل جلسةٍ أكثر من 5 دقائق، مع أسئلةٍ عامةٍ مثل “كيف حالك؟ كيف هو العمل/الدراسة؟ هل ما زلت تتناول/ين الهرمونات؟ هل تتناول أي أدوية؟ وانتهى بـ “شكرا لك، وداعًا”.

لقد كانت قائمةً مرجعيةً لتقييم التقدم، لاختبار ما إذا كنت لا أزال عابرًا، والتي ربما تم قياسها من خلال قدرتي على تحمل كل هذا، كنت أتوقع حقًا قضاء بعض الوقت في الحديث عن حياتي ومخاوفي؛ ومع ذلك، عندما حاولت القيام بذلك من خلال إخبار الطبيبة أنني متوتر بشأن المستقبل، قوبلت بـ “نحن في الوقت الحاضر. أراك في الجلسة القادمة”. خرجت عاجزًا عن الكلام ومحبطًا، ومنذ ذلك الحين، لم أحاول حتى التحدث حتى لا أواجه أيًا من هذه التعليقات الباردة؛ بدلًا من ذلك، بقيت صامتًا وأجبت مُسرعًا بـ “أنا بخير … الدراسة على ما يرام … ما زلت أتناول الهرمونات … أنا لا أتناول أي أدوية”. أثناء التوقف لمنحها الوقت لملء قائمة التحقق وإرسالي في طريقي حتى أتمكن أخيرًا من التنفس والمضي قدمًا في يومي (أو ما تبقى منه).

إن التوقع الذي كان لدي قبل مواجهة الحقيقة نابع من الجلسة الأولى في عيادة الطب العام حيث كان لدي وقت أطول قليلًا للتحدث، والجلسات الخاصة التي حضرتها في عيادةٍ نفسيةٍ خاصة، حيث كان لدي أكثر من ساعةٍ للتحدث بشكلٍ مريحٍ وحر، لكنني تخليت عن الجلسات الخاصة بسبب القيود المالية – كان لدي جلستان شهريًا تُكلِّف كل منهما 900 جنيه مصري (حوالي 18 دولارا) – وتأخير من الطبيب في إعطاء أي تقاريرٍ أو حتى التلميح إليها، وهو ما تعلمته لاحقًا من زملائي الذين شاركوا/ن نفس التجربة، وهي بسبب الخوف الشائع بين الأطباء في عيادات الطب النفسي الخاصة من تَحمُّل المسؤولية التي تأتي مع إصدار مثل هذه التقارير. يمكن أن تتراوح هذه المسؤولية من قضايا بسيطة، مثل مشاكل مع عائلة الفرد، إلى عواقب أكثر خطورة، مثل اتهامي بعدم اتباع بروتوكولاتٍ معينة (وأنا ليس لدي شخصيًا وصول إليها أو معرفة عنها).

بالإضافة إلى ذلك، كنت أتوقع أن أتلقى اختباراتٍ وتقييماتٍ حقيقيةً من شأنها أن تُثبِت أنني أعاني من اضطراب الهوية الجندرية مثل GIDYQ-AA أو مقياس أوتريخت لاضطراب الهوية الجندرية (وكلاهما يتضمن أسئلةً تتعلق بعدم الارتياح في الجنس المُحدَّد، الرغبة في أن يُنظَر للفرد على أنه من جنسٍ آخر، ومدى رؤية المرء نفسه في أدوار الهوية الجندرية المُفضَّلة) التي شاهَدْتُها عند سماع قصص الأشخاص العابرين/ات جندريًا خارج مصر، والحصول على نتائج هذه الاختبارات والتقييمات ليتم كتابتها في التقرير النهائي بالتفصيل، وبذلك سأحصل على دليلٍ مُوثَّقٍ في يدَيَّ من شأنه أن يسمح لي بإجراء الجراحات المؤكدة للجندر وتغيير مستنداتي القانونية، بل حصلت فقط على اختبار MMPI (أداة تقييمٍ لتشخيص اضطرابات الصحة النفسية)، اختبار الذكاء، واختبار لاضطراب الهوية الجندرية الذي على الرغم من فعاليته من الناحية النظرية؛ نظرًا لأنه كان قريبًا من الاختبارات المذكورة سابقًا، فقد تم إلقاؤه لاحقًا في سلة المهملات، حيث ظلت الجلسات كما هي ولم تتم كتابة أيٍ من نتائج الاختبار في التقرير مع كون جميع التقارير بنفس الصيغة المعتادة، وبالتالي، يمكن أن يكون هذا الاختبار مجرد إجراءٍ بيروقراطي. 

بغض النظر عن كل هذا، جعلني أستمر سببان: الأول هو مقابلة أصدقائي وقضاء بعض الوقت معًا، بالإضافة إلى التعرف على الأشخاص الذين يشاركونني/نني نفس التجربة. كان هذا، في حد ذاته، علاجيًا، حيث تحدثنا مع بعضنا البعض وشاركنا أحزاننا والصعوبات التي واجهناها. والثاني كان الحصول على التقرير الطبي. لقد عَلِمت بعد لقاءاتٍ قليلةٍ مع أشخاصٍ داخل العيادة منذ البداية أن التقرير الطبي لم يكن له أي فاعلية في تحقيق أي شيءٍ من حيث تغيير خانة الجنس في هويتي القانونية أو مساعدتي في إجراء الجراحات المؤكدة للجندر حيث لم يكن للتقرير توصية رسمية للعمليات الجراحية المطلوبة للحصول عليها وكان به إخلاء مسؤوليةٍ في النهاية يُفيد بما يلي: “تم إصدار هذا التقرير بناءً على طلب المريض، ولا يتحمل الطبيب ولا المستشفى أي مسؤولية.”، لكنني كنت أحاول التصدّ، حتى لو كان كل ما أملكه هو عصا خشبية، من خلال اغتنام أي فرصةٍ يمكنني اغتنامها لمجرد الشعور وكأنني أُحقِّق شيئًا بدلًا من البكاء على حالي.

إن صيغة التقرير ليست العامل الوحيد الذي يساهم في عدم جدواه؛ فالمتغيرات الخارجية تلعب دورًا أيضًا. تم حظر جراحات تأكيد الجندر في مصر اعتبارًا من عام 2023، ويخضع الجَرَّاحون/ات الذين يجرونها/ينها للعقاب (نورالله، 2024). لذلك، حتى لو أوصى تقرير القصر العيني بمثل هذه الإجراءات، فإن الجَرَّاحين/ات سيرفضون/ن إجرائها خوفًا من فقدان تراخيصهم/نٍ الطبية أو مواجهة عقوباتٍ أخرى. فيما يتعلق بتغيير خانة الجنس في الوثائق القانونية، سيظل هذا أيضًا غير متاح، حتى مع وجود توصيةٍ إيجابيةٍ في تقرير القصر العيني الطبي. اعتبارًا من عام 2024، فرضت مصر قيودًا على الاعتراف القانوني بالجندر وجعلته مُقتصِرًا على الأفراد بينيي/ات الجنس فقط، بموجب التوجيه رقم 25/2024، والذي يتطلب اختبار الحمض النووي لإثبات أن الشخص الذي يسعى للحصول على اعترافٍ قانونيٍ هو بيني/ـة الجنس وليس عابرًا/ةً جندريًا (نور الله، 2024).

في الختام، كان وقتي في عيادة القصر العيني لاضطراب الهوية الجنسية أكثر من مجرد عمليةٍ طبيةٍ روتينية. لقد كان مواجهةً حيةً مع كيفية تنظيم الدولة لحياة العابرين/ات جندريًا من خلال التأخير، الإرهاق، والغموض. ويمكنني أن ألاحظ حقًا كيف أن النظام لا يأخذ الأشخاص العابرين/ات جندريًا في عين الاعتبار أو يهتم برفاههم/ن، وأن العيادة ربما تكون أداة لإسكات الأشخاص العابرين/ات جندريًا لمدة عام، أو ما هو أكثر إقناعًا هو كونها واجهةً لحماية حقوق الإنسان من خلال وجود “عيادةٍ للأشخاص العابرين/ات جندريًا”. ومع ذلك، في ظل هذا الإحباط، رأيت أيضًا لحظاتٍ من التضامن والرعاية بين الغرباء، وهي تذكير بأنه في غياب الدعم الرسمي، يصبح المجتمع شكلًا حيويًا من أشكال البقاء.

Author

  • آدم سامي باحث في العلوم السياسية مقيم في مصر، حاصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة القاهرة. يتناول عمله قضايا النوع الاجتماعي، والقانون، والحقوق في مصر، مع تركيز خاص على تجارب المجتمعات المهمّشة. يركّز بحثه الحالي على كيفية تنقّل الأفراد العابرين/ات جنسيًا ضمن الهياكل القانونية والطبية والبيروقراطية للدولة المصرية، مستندًا إلى عمل ميداني نوعي معمّق يشمل مقابلات وملاحظات ميدانية في عيادة قصر العيني للنوع الاجتماعي. يهدف عمله إلى توثيق أصوات غالبًا ما يتم استبعادها من السرديات السائدة لحقوق الإنسان، والمساهمة في فهم أكثر تجذرًا وسياقية للواقعين القانوني والاجتماعي للعابرين/ات جنسيًا في مصر.

    View all posts
وسوم:
انشر: