القاهرة، مصر – 30 سبتمبر 2025 – قدم مركز القاهرة 52 للأبحاث القانونية بلاغًا فرديًا إلى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نيابة عن رجل تونسي عابر جنسيًا حُرِم من الاعتراف القانوني بهويته الجندرية من قبل المحاكم التونسية. ويؤكد البلاغ الفردي، الذي صاغته نورا نور الله، المديرة التنفيذية للمركز، أن عدم توفير تونس لمسار للاعتراف القانوني بالنوع الاجتماعي وقرارات محاكمها التعسفية ينتهكان حقوقًا أساسية محمية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
يُعرّف المشتكي نفسه كرجل لمعظم حياته. بدأ رحلة عبوره الطبي في عام 2012 بالعلاج الهرموني وجراحة استئصال الثدي، تلتها جراحة استئصال الرحم في عام 2021. ونظرًا لعدم وجود مقدمي رعاية صحية مؤهلين في تونس، أُجريت هذه العمليات في عيادات غير مرخصة. أما الجراحات النهائية الضرورية، فعادة ما تكون متاحة فقط للتونسيين القادرين على تحمل تكاليف السفر إلى الخارج، وهو عائق مالي لم يتمكن المشتكي من تجاوزه.
بصفته عضو بارز وفعال في مجتمع العابرين/ت في تونس، واجه المشتكي وصمًا اجتماعيًا حادًا وتمييزًا وعنفًا من قبل جهات فاعلة حكومية وغير حكومية. بين عامي 2019 و2020، نجا من عدة اعتداءات، بما في ذلك هجوم بسكين، لم تحقق فيه الشرطة بشكل صحيح.
في 20 ديسمبر 2022، قدم المشتكي التماسًا إلى المحكمة الابتدائية بتونس لتعديل وثائقه القانونية لتعكس هويته الذكورية. رفضت المحكمة طلبه في 21 مارس 2023، مستندة إلى عدم وجود سابقة قانونية ومعتبرة أن حق المشتكي في الخصوصية تتجاوزه المصالح المجتمعية الأوسع وتفسيرات الشريعة الإسلامية. وأيدت محكمة الاستئناف بتونس هذا القرار في 2 مايو 2024.
تؤكد الشكوى أن وقائع القضية تشكل انتهاكات متعددة للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك:
المادة 17 (الحق في الخصوصية): يُعد رفض المحاكم الاعتراف بالهوية الجندرية للمشتكي بمثابة تدخل غير قانوني من جانب الدولة في حياته الخاصة.
المادة 16 (الحق في الاعتراف بالشخصية القانونية): بحرمانه من وثائق تتوافق مع هويته، تحرمه الدولة فعليًا من الاعتراف الكامل به كشخص أمام القانون.
المادة 6 (الحق في الحياة): التناقض بين هويته ووثائقه القانونية يعرضه لمخاطر عنف كبيرة ويخلق حواجز أمام الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتوظيف والسكن.
المادة 26 (عدم التمييز والمساواة): إن اشتراط إتمام عبور طبي “لا رجعة فيه” للاعتراف القانوني، مع عدم توفير الوصول إلى الرعاية الصحية اللازمة، هو عمل تمييزي.
وقالت نورا نور الله، المراسلة من القاهرة 52: “لقد خلقت الدولة التونسية وضعًا مستحيلًا للمشتكي ومجتمع العابرين بأكمله. فبرفض الاعتراف بهويته، لم تنتهك المحاكم حقوقه الأساسية فحسب، بل صادقت أيضًا على التمييز اليومي والخطر الذي يواجهه. تسلط هذه القضية الضوء على فشل منهجي في حماية فئة مستضعفة، ونحن متفائلون بأن لجنة حقوق الإنسان ستعالج هذا الظلم”.
اضطر المشتكي في النهاية إلى الفرار من تونس حفاظًا على سلامته في 29 يوليو 2023، بسبب تصاعد تهديدات القتل والمضايقات. ومنذ ذلك الحين، تقدم للحصول على لجوء بالخارج. ولم يتمكن من استنفاد وسيلة الانتصاف المحلية الأخيرة – وهي الطعن أمام محكمة التعقيب – لأن العودة إلى تونس ستعرض حياته ووضع لجوئه للخطر.
تحث الشكوى اللجنة على إدانة تونس بانتهاك التزاماتها وتدعو الدولة إلى تعديل قوانينها لإنشاء عملية إدارية واضحة للاعتراف القانوني بالنوع الاجتماعي وضمان وصول جميع الأفراد العابرين جنسيًا إلى الرعاية الصحية المؤكدة للنوع الاجتماعي.
حول مركز القاهرة 52 للأبحاث القانونية: القاهرة 52 هي منظمة غير حكومية تكرس جهودها للدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيزها من خلال التقاضي الاستراتيجي والبحث والمناصرة، مع التركيز على حماية المجتمعات المهمشة في جميع أنحاء المنطقة.
للتواصل الإعلامي: نورا نور الله,
n.noralla@cairo52.com