Search
Close this search box.

|

أماكن في تاريخ الجنس التجاري بمصر: الحوض المرصود

عيادة صغيرة للكشف على الامراض التناسلية تواجدت في السيدة زينب بالعام 1902 تحولت لاحقا الى أكبر مستشفى للأمراض التناسلية بمصر. الحوض المرصود ، ذلك المشفى الذي كرهته العاملات بالجنس التجاري في عصر التقنين والذي اختص بالكشف على العاملات والتأكد من خلوهن من الأمراض التناسلية وأيضا اصدار تراخيص ممارسة المهنة وفقا للوائح الموجودة حينها.

 أصل التسمية:

جاء في كتاب وصف مصر الذي قام بتأليفه مجموعة من علماء الحملة الفرنسية التي جاءت إلى مصر عام 1798 ورحلت عنها عام 1801، أن العثمانيون عثروا على حوض أو تابوت ضخم في هذه المنطقة القديمة والتي تعرف ببركة الفيل، وهو حوض من الحجر الصوان الأسود بطول 2.7 متر وعرض 1.38 متر وارتفاع 1.92 متر، وعلى جميع أسطحه الداخلية والخارجية كتابات جنائزية، ووضعه أحد بكوات المماليك أمام جامع الجاوبلي بحي السيدة زينب بالقاهرة، واستخدمه الأهالي بعد ذلك في استسقاء الماء.

وتكاثرت الاساطير حول ذلك الحوض أو التابوت، فقيل انه يعود لأحد كهنة العصر الفرعوني وانه اسفله يوجد كنوز يحرسها الجن، اما الفرنسين فاعتقدوا أن الشرب من هذا الحوض يشفى من امراض العشق. ويرقد التابوت الان في المتحف البريطاني حيث استولى عليه الانجليز بعد هزم نابليون.

كان موقع المستشفى الحالي قصرًا للملك الناصر محمد بن قلاوون وكان يحمل اسم قصر “بقتمر الساقي”، والذي وصفه شيخ المؤرخين العرب أحمد بن علي المقريزي بأنه أعظم مساكن مصر، وأحسنها بنيانا، ثم تحول المبنى إلى مصنع للنسيج ثم إلى سجن الحوض المرصود، ثم إلى تكية في دار للقرعة ثم مستشفى الحوض المرصود لعلاج الأمراض السرية عام 1923 ثم مستشفى الحوض المرصود لعلاج الأمراض الجلدية والتناسلية عام 1943 إلى أن أصبح اسم المستشفى القاهرة للأمراض الجلدية والتناسلية عام 1979

مشهد تمثلى من فيلم نحن لا نزرع الشوك من العام 1970 يظهر عاملة بالجنس التجاري قادمة من المشفى مغنية سلمى يا سلامة <br>

سلمى يا سلامة:

سلمى يا سلامة…. رحنا وجينا بالسلامة

عندما تسمع الكلمات فربما تتذكر مباشرة المغنية الشهيرة داليدا أو لربما إذا كنت محب للتاريخ الموسيقى السيد درويش المؤلف للأغنية ولكن التاريخ وراء تلك الكلمات مرتبط بشكل مباشر بمشفى الحوض المرصود والجنس التجاري المقنن في مصر فكان العاملات بعد الكشف إذا وجدوا انهم اصحاء خرجوا على عربة “كارو” ليبدأ الموكب من امام المشفى مرددين ذلك البيت مرار وتكرارا حتى الوصول الى الواسعة حيث ينتظرها بقية العاملات بجوار منزلها لإقامة احتفال في المساء حتى يحتفلوا بالرخصة المجددة.

وكان على كل العاملات بالجنس التجاري المرخصات الذهاب مرة شهريا الى الحوض المرصود للتأكد من خلوهن من الامراض التناسلية وثم الحصول على تجديد للرخصة وكانت رحلة ثقيلة على نفوس العاملات بالجنس التجاري، فيذكر ان تعامل الممرضين/ات بالداخل كان عنيفا ملئ بالإهانة اللفظية والجسدية لهم وكان هؤلاء الممرضين/ات يتقاضون رشاوي شهرية من “مديري بيوت الدعارة” حتى لا يسمحوا للعاملات بالخروج من المشفى وحدهن وتسليمهن لهؤلاء المديرين أو من يمثلهم.

وخارج المشفى كان يلتف حولها “البلطجية” التابعين لبيوت الدعارة التي تعمل بها العاملات بالداخل، للحرص على عدم هروب أي عاملة واخذها والعودة بها مباشرة الى “بيت الدعارة” وذلك في حالة عدم وجود امراض بالعاملة، اما إذا تم اكتشاف امراض تناسلية بالعاملة كان يتم احتجازهن بالداخل للعلاج أو تسليمهم للشرطة إذا كان سوف يتم علاجهم بجهة أخرى غير الحوض المرصود.

وحتى اليوم لايزال مستشفى الحوض المرصود بمبناه الجديد واسمه الجديد أكبر مستشفى حكومي مصري لعلاج الامراض التناسلية وانتهى الكشف على العاملات بالجنس التجاري وإلغاء مكتب التفتيش به بالعام 1949 بعد قرار الحاكم العسكري الغاء جميع “بيوت الدعارة” المرخصة.

Author

انشر: