تل كبير يختفى في ظلمات الليل يقع خارج وسط القاهرة بالقرب من منطقة السيدة زينب، هذا هو تل زينهم حيث تنتشر ما كان يعرف حينها ب “فتيات الحفر” وهن العاملات بالجنس التجاري الذين وقعن من المنظومة الأكبر للجنس التجاري المقنن وانتهى بهن الحال في حفر ضيقة او كهوف يغطيها القماش يتخذنها كمكان للعمل. ولم تكن المنطقة ضمن اخطاط الاحياء المصرح بها وجود نشاط خاص الجنس التجاري بالبداية ولكن انتشار المهنة في المنطقة اضطر الحكومة الى ضمها ضمن “اخطاط العاهرات” في الفترة ما بين 1899 و1926.
الحياة داخل الحفر:
حفر عميقة قد يصل عمقها الى مترين، تفرش فيها العاملة بالجنس التجاري طرحتها السوداء وتنتظر قدوم الزبون. يتفاوت عدد الزبائن من حفرة لحفرة وتعمل كل عاملة على جذب اكثر عدد ممكن، حيث انها سوف تتلقى تعريفتها اليومية بناء على عدد الزبائن الذين يكبوا متعتهم داخل “الكوز الكبير” بالحفرة وذلك “الكوز” كان النظام الذي وضعوا القوادين حيث كانوا يعطوا الفتاة تعريفتها بناء على مقدار امتلاء “الكوز”. عند نزول الشمس تتحرك الفتاة من الحفر وتذهبن الى “عليوة عز” حيث يوجد منزل صغير يقضوا فيه ليلتهن وحيث يتواجد القوادين لإعطاء كل عاملة تعريفتها. بالإضافة الى العاملات والقوادين تواجد ما كان يعرف بال”النادروجية” وهم المنوطين بمراقبة مداخل التل خوفا من قدوم الشرطة وتبليغ القوادين حال قدومهم.
على اد الايد:
اشتهر تل زينهم بنوع اخر من الزبائن على عكس بقية الاحياء، حيث كان معظم المترددين على المنطقة من الجنود الافارقة والأسيويين والطبقة العاملة الكادحة المصرية. ولقد كانت التسعيرة داخل الحفر اقل بكثير من غيرها في المناطق الأخرى، حيث كانت تتراوح التسعيرة ما بين القرش والخمس قروش. ولم يمنع انتشار السرقة والجرائم الأخرى بالمنطقة الزبائن من القدوم اليها، كما فشلت كل مجهودات الشرطة في احتواء المنطقة، فكلما قاموا بمداهمتها عاد اليها العاملين/ات بالجنس التجاري فور انصرافهم. ومع تجريم الجنس التجاري في مصر في مطلع الخمسينات بدا النشاط بالمنطقة ينتهي تدرجيا، حتى اختفت معالم التل نهائيا بعدما امتد اليه الزحف العمراني بالقاهرة.