القتل المبني على النوع الاجتماعي في المجتمع المصري

القتل المبني على النوع الاجتماعي في المجتمع المصري

القتل المبني على النوع الاجتماعي في المجتمع المصري: الدوافع.. المؤشرات والتوصيات

 

كتابة: غدي قنديل ,باحثة دكتوراه في العلوم السياسية

 

أمام التواتر الدوري لظاهرة القتل المبني على النوع الاجتماعي في الآونة الأخيرة في المجتمع المصري، فالبيانات تظهر مدى توغل الظاهرة إذ تم رصد ما يقرب من 51 حالة قتل لنساء مصر خلال الربع الأول فقط من عام 2023، لكن لا تزال الجرائم التي تستهدف النساء ظاهرة لا تحظى بالاهتمام الحقيقي، يعود هذا التجاهل إلى عدد من الأسباب الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وانطلاقًا من هذا،  لذا تناقش هذه الورقة تحليل مفهوم القتل المبني على النوع الاجتماعي الذي يثير التساؤلات حول ماهية ظاهرة قتل الإناث، وكيف نحلل ظاهرة القتل المبني على النوع الاجتماعي عبر دراسة محددات الظاهرة في المجتمع المصري وكيف يتصدى القانون المصري لتلك الظاهرة؟، وما الإجراءات والسياسات أمام الدولة المصرية لتتمكن من مجابهتها؟.

 المقدمة:

عرفته الأمم المتحدة أنه الظاهرة الأكثر تطرفاً ووحشية من أشكال العنف التي تتعرض لها النساء، ومن ثم وضع المجتمع الدولي لنفسه هدف القضاء على هذه الظاهرة التي تمس جميع الدول بمختلف معتقداتها الثقافية والاجتماعية، رغم الصعوبة التي تواجه تحديد جرائم القتل المبني على النوع الاجتماعي وقياسها بشكل صحيح. وفي هذا الصدد، يمكن تعريف ظاهرة القتل المبني على النوع الاجتماعي على أنه القتل العمد للنساء لكونهن إناث وغالبًا ما يكون على يد رجال الأسرة، وفي هذا السياق تتخذ جرائم  قتل النساء أشكالًا مختلفة، بما في ذلك القتل العمد والقتل غير العمد والقتل الخطأ، والتحيز الجنسي وقتل الشريك الحميم والعنف الجنسي، يأتي هذا بجانب قتل النساء والفتيات باسم “الشرف”، واستهداف النساء والفتيات في سياق الصراع المسلح؛ والقتل بسبب ميولهن وهويتهن الجنسي، والوفيات المرتبطة بتشويه الأعضاء التناسلية،  يأتي في مقدمتها قتل النساء نتيجة عنف الشريك الحميم، وتعذيب النساء، وقتل النساء والفتيات باسم الشرف.

ورغم أن تاريخ مصطلح “قتل الإناث” يعود إلى أواخر القرن الـ 19، عندما تمت صياغته لزيادة الوعي بوفيات النساء بسبب العنف؛ حيث أشار إلى قتل الإناث من قبل الذكور لأنهم إناث، ثم تم تحديث المفهوم في عام 1992، على أنه “قتل النساء على يد الرجال بدافع الكراهية أو الازدراء أو المتعة أو الشعور بملكية المرأة، المتجذر في علاقات القوة غير المتكافئة تاريخيًا بين النساء والرجال، إلا أن المجتمع المصري لم يلتفت إليها ولم يضعها نصب الاهتمام رغم تزايد أعداد ضحاياها يوما بعد يوم.

دوافع قتل النساء في مصر:

اعتبرت جريمة قتل الطالبة المصرية “نيرة أشرف” على يد زميلها لرفضها الارتباط به،  الشرارة التي سلطت الضوء على وحشية جرائم قتل النساء في مصر العام الماضي، خاصة وأن القاتل مثلما هو الحال في كثير من جرائم قتل النساء إما من أسرة الضحية أو من معارفها المقربين، بيد أن  جرائم قتل النساء المشابهة تتصدر في العادة عناوين الصحف في مصر لفترة قصيرة فقط، وغالبًا ما يضع المجتمع مثل هذه الجرائم جانبًا باعتبارها أمورًا خاصة، رغم أنه عقب أربع وعشرين ساعة فقط من قتل نيرة أشرف، تم الإبلاغ عن جريمتي قتل امرأتين أخريين من قِبَل أشقائها ليتبعها عشرات الحالات في مختلف بقاع مصر.

 يأتي المبرر السابق بجانب مبرر أكثر بشاعة وهو قضايا القتل باسم الشرف التي تتعرض لها المرأة في مصر وخاصة فى بعض المناطق النائية بصعيد مصر، إذ تقع النساء والفتيات قتيلات لمجرد الشك فقط في سلوكهن مع عدم وجود دليل قاطع، حيث تتعرض المرأة للقتل أو الذبح أو الإجبار على الانتحار باسم الشرف، والقاتل فى هذا النوع من الجرائم يكون أحد الأقارب وغالباً ما يتم التساهل معه تكريساً للموروثات الثقافية والاجتماعية، بل قد تمارس هذه الجريمة على الفتيات اللاتي تعرضن لاغتصاب على يد ذويهم من أفراد الأسرة، والتستر على هذا الجرم، يقوم الجاني بقتلها بعد الترويج لسوء سلوكها كمبررات قتلها، وادعاءه الحفاظ على شرف وسمعة العائلة.

إحصائيات قتل النساء في مصر:

ورغم خطورة حياة النساء في مصر، إلا أنه من الصعب الحصول على أرقام رسمية دقيقة حول عدد النساء اللواتي يتم قتلهن في مصر، غير أنه وفقًا لإحصائيات مؤسسة تدوين لدراسات النوع الاجتماعي فخلال الربع الأول فقط من عام 2023 تم رصد 51 حالة قتل لإناث مصر بالاعتماد على ما نشر في الصحف المصرية وهو عدد أقل من الواقع الفعلي بكثير إذ لا يتم تصنيف ونشر كل جرائم قتل الإناث باعتبارها جرائم قائمة على النوع الاجتماعي وتشير النتائج إلى أن %21,6 من النساء أو الفتيات ضحايا القتل كانت أعمارهن تتراوح ما بين 30-21 سنة، وأن %11,8 كانت أعمارهن تتراوح ما بين 20-11 سنة، إذ شهدت محافظة الجيزة أعلى معدلات قتل للنساء والفتيات خلال الربع  الأول من عام 2023 بنسبة%31,3 يليها محافظة القاهرة بنسبة ،%12 ثم محافظة سوهاج بنسبة %8.

المفزع في الأمر أنه بمقارنة تلك النسبة بما تم رصده خلال الربع الأول من العام الماضي  عام 2022  نجد أن الضحايا من النساء بلغن 25 حالة، بإجمالي 142 حالة قتل للنساء  خلال هذا العام، 58% من القتلى من النساء قتلن على يد أزواجهن في مقابل 41% على يد أفراد الأسرة، يبرز هذا تضاعف خطير في معدلات ظاهرة قتل الإناث في المجتمع المصري.

جهود الدولة المصرية في مواجهة الظاهرة:

بالنظر إلى القانون المصري وموقفه من جرائم قتل الإناث وبخاصة قانون العقوبات نجد أن هناك ثغرات  في بعض مواد القانون تمثل خطرًا مباشرًا على معدلات قتل الإناث في المجتمع المصري خاصة في جرائم الشرف، فعلي سبيل المثال في جريمة الزنا والتي من المفترض أنها جريمة أخلاقية يعاقب فيها الرجل شرعاً مثله مثل المرأة، لا يطبق هذا القانون المصري إذا قامت الزوجة بقتله تحت الضغط النفسي تعاقب بالإعدام أو بأقل تقدير بالأشغال الشاقة، بينما تعاقب الزوجة على الزنا أياً كان مكان ارتكابه، وفي حال قتل الزوجة متلبسة بالزنا يعاقب الزوج بأخف العقوبات والتي قد تصل إلى إيقاف التنفيذ، ففي المادة 17 من قانون العقوبات والتي تبيح للقاضي استخدام مبدأ الرأفة مع المتهم، وهو ما يساعد في انتشار ظاهرة قتل الإناث تحت مسمى قضايا الشرف.

الحلول المطروحة لمواجهة ظاهرة قتل الإناث:

غالبًا ما يكون قتل المرأة في المجتمع المصري على يد شريكها تتويجًا لعنف طويل الأمد ويمكن منعه بسهولة من خلال تكثيف المؤسسات المحلية والدولية جهودها لمساعدة وحماية النساء اللائي يقعن ضحية لهذا النوع من العنف. ومن ثم تحتاج النساء في المجتمع المصري إلى سلسلة مترابطة من الإجراءات لضمان حمايتهن ووقايتهن من مثل تلك الجرائم تتمثل في:

1- اتخاذ تدابير محددة لتمكين المرأة من ترك علاقة عنيفة أو التصدي لها: يجب أن تأخذ هذه التدابير في الاعتبار حقيقة أن النساء غالبًا ما يعتمدن اقتصاديًا على شريكهن الحميم، وبالتالي يتعرضن لخطر الحرمان من مصدر دعمهن الاقتصادي الوحيد إذا أنهوا علاقة غير صحية، لذا تلعب خدمات الدعم المتخصصة للنساء التي يقدمها المجلس القومي لحقوق المرأة دورًا هامًا في حماية النساء، بما في ذلك الملاجئ وأوامر الحماية والمشورة والمساعدة القانونية ، لمساعدة النساء على ترك العلاقات المؤذية.

2- إشراك الرجال في المجتمع المصري في مكافحة عنف جرائم القتل المتصل بالأسرة يعد هذا جانب محوري في الوقوف ضد جرائم قتل الإناث من خلال تطوير معايير ثقافية تبتعد عن الذكورة العنيفة والقوالب النمطية الجنسانية، من أجل معالجة الأعراف الاجتماعية التمييزية الأساسية التي تضفي الشرعية على سلطة الرجل واستخدامه للعنف ضد المرأة.

3- احتواء البيئة العنيفة الحاضنة لجرائم قتل الإناث: لكون خطر تأثر النساء بالعنف الشديد القائم على النوع الاجتماعي يزداد بسبب الموروثات الثقافية ما يستوجب تضمين خطط العمل الوطنية في الدولة المصرية تنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن أحكامًا محددة بشأن عمليات القتل المرتبطة بنوع الجنس في أقسام تغطي الوقاية والحماية.

 4- تطوير أسلوب معياري ومستدام دوليًا لرصد عدد الضحايا: بسبب أن البيانات الموحدة بشأن جرائم قتل النساء والفتيات ذات الصلة بنوع الجنس لا تزال غير مكتملة وذات جودة غير كافية لتمكين رصد الاتجاهات وفهم حجم المشكلة، ما يستلزم تأسيس معيار لقياس العنف الحقيقي ضد النساء في المجتمع المصري، وتسجيل الخصائص الجنسانية للضحايا والجناة، وبالتالي يمكن أن يُضيف قيمة إلى البيانات التي تم جمعها، مما يسمح بإجراء تحليلاً أكثر شمولاً وتعمقًا لظاهرة قتل النساء في مصر، فضلاً عن نظام قابل للمقارنة لجمع البيانات عبر البلدان لعمليات قتل النساء والفتيات المرتبطة بنوع الجنس.

ومحصلة القول أن التصدي الحقيقي لجرائم قتل النساء في المجتمع المصري من خلال السياسات الجيدة للدولة المصرية المبني على بيانات عالية الجودة تستند إلى تعريف متفق عليها وواضح ووحدات قياس ومؤشرات مشتركة عالميًا لحماية الضحايا المحتملين للعنف القائم على النوع الاجتماعي في المجتمع المصري، لذا توصي هذه الورقة بعد عرض عدد من البدائل للحد من قتل النساء إلى وجود إحصاء شامل ودقيق لظاهرة قتل الإناث في المجتمع المصري، لأن وجود بيانات موحدة محليًا ودوليًا بشكل متسق ومتاح لكافة المواطنين يكفل فهم حجم المشكلة وقياس العنف الحقيقي ضد النساء، وهو الخطوة الأولى والأهم نحو منع قتل الإناث وحماية ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في المجتمع المصري.

 

 قائمة المراجع:

  1. تقرير ربع سنوي” قتلن لأنهن نساء”، مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي، 15/52023، متاح على الرابط التالي:  https://tadwein.org/%d8%b1%d8%b5%d8%af-%d9%88%d8%
  2. Global study on homicide gender-related killing of women and girls, UNITED NATIONS OFFICE ON DRUGS AND CRIME, 2019, Available at: https://www.unodc.org/documents/data-and-analysis/gsh/Booklet_5.pdf
  3.  فاطمة فتوني، قتل النساء: عدوى إجرامية في العالم العربي؟، الميادين نت، 28/6/2022، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/PDim7
  4.   Shannan Catalano, Female Victims of Violence, U.S. Department of Justice Office of Justice Programs, 23/10/2009, Available at:

https://bjs.ojp.gov/content/pub/pdf/fvv.pdf

  1. باسم فرنسيس، جرائم كردستان تلقي ضوءًا مؤلما على ثقافة قتل النساء، اندبندنت العربية، 9/5/2022، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/jvZ7U
  2. Pauline Turuban, Why counting femicides is a global issue, SWI: swissinfo, 24\3\2022, Available at: https://www.swissinfo.ch/eng/why-counting-femicides-is-a-global-issue/47456654
  3. Maurice Dunaiski , Killings of women and girls by their intimate partner or other family members: Global estimates 2020: the Research and Trend Analysis Branch: UNODC, 2021, Available at:https://www.unodc.org/documents/data-and-analysis/statistics/crime/UN_BriefFem_251121.pdf
  4. شيماء حمدي، ضحايا العنف والابتزاز: لن تكون نيرة أشرف الأخيرة!، موقع درج، 20/7/2022، متاح على الرابط التالي:https://daraj.com/93194/
  5. مي المغربي، قتل النساء من مصر إلى الأردن: سيكولوجية الرفض والذكورة السامّة، جريدة الأخبار، 29/6/2022، متاح على الرابط التالي:https://cutt.us/pfu6D
  6. كريم الجوهري، كلمات لا يُلقَى لها بالٌ تشجع على قتل النساء،  موقع قنطرة، 5/7/2022، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/Rnu7S
  7.  عفاف الحاجي، الأزواج في الصدارة: إحصائيات صادمة حول جرائم قتل النساء في الوطن العربي، عربي بوست، 28/6/2022، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/z5bCX
  8. Defining and identifying femicide: a literature review, European Institute for Gender Equality, 23\11\2021, , Available at: https://eige.europa.eu/publications/defining-and-identifying-femicide-literature-review
  9. Lucy Gilder, How many violent attacks and sexual assaults on women are there?, BBC News, 30\6\2022, Available at:

https://www.bbc.com/news/explainers-56365412

  1. أحمد عقل، جرائم قتل النساء تتكرر في دول عربية: وحلول تصطدم بحواجز القانون والمجتمع، قناة الحرة، 1/7/2022، متاح على الرابط التالي: https://cutt.us/ovjQp
  2. توصيات باتخاذ إجراءات من أجل مكافحة جرائم قتل النساء والفتيات بدافع جنساني، مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، 2015، ص 1- 16،  متاح على الرابط التالي:

https://www.unodc.org/documents/justice-and-prison-reform/V1507883_A.pdf

تقاضي استراتيجي علي الحق في الصحة للعابرين/ات

تقاضي استراتيجي علي الحق في الصحة للعابرين/ات

تقاضي استراتيجي علي الحق في الصحة للعابرين/ات

أوضع معهد القاهرة 52 للبحوث القانونية عريضةً استراتيجيةً بالمقاضاة إلى محكمة الإسكندرية الإدارية في يوم 17/07/2023 بخصوص الحق في الحصول على الرعاية الصحية للأفراد العابرين جنسيا.

  • ملخص القضية:

المدعية هي امرأة عابرة جنسيًا ظهرت عليها علامات لاضطراب الهوية الجنسية (الانزعاج الجندري) منذ الطفولة. في عام 2010، بدأت بالعلاج النفسي للعثور على إجاباتٍ لهويتها. تلقت لاحقًا تشخيصًا رسميًا بـ “اضطراب الهوية الجنسية”. ثم تقدمت بعد ذلك بطلبٍ للحصول على إذنٍ رسمي من “لجنة تصحيح الجنس” في النقابة الطبية للحصول على الرعاية الصحية لتصحيح الهوية الجنسية في العام 2014. ومع ذلك، قامت اللجنة بإهمال طلبها ولم تقم بدراسته. إلى يومنا هذا، لم تتلقَّ ردًا رسميًا على قضيتها. لذلك فقد قدمنا عريضةً ضد وزارة الصحة والنقابة الطبية ورئيس لجنة تصحيح الجنس لإصدار قرار عاجل يسمح لها للوصول للصحة التي ترغب بها.

  • ملخص الحجج:

إن قضية المدعية صحيحة من منظور الشريعة الإسلامية حيث أنها لا تنتهك الشريعة الإسلامية، حيث تسمح القاعدة الفقهية ” الضروريات تبيح المحظورات” بتطبيق ما هو عادة محظور في هذه القضية. المدعية لديها حالة طبية تُمثِّل ضرورة، لذا فإن خضوعها للرعاية الصحية المُصحِّحة للجنس لا ينتهك الحظر الإسلامي على “التغيير غير المُبرَّر لخلق الله”، لأنها تعاني من حالة طبية تجعل مثل هذا التغيير ضرورة.

من منظور القانون المدني، أولاً، فإن عدم منح الموافقة للمدعية يشكِّل انتهاكًا للحق الدستوري في الحصول على الرعاية الصحية المنصوص عليه في المادة 18 من الدستور المصري. بالإضافة ذلك، يُعَد رفض تقديم الخدمات الطبية لمدعيتنا انتهاكًا أيضًا للمعاهدات الدولية لحقوق الإنسان التي تُعتبَر مصر عضوة فيها بموجب المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ثانيًا، إن الطريق الوحيد للعابرين جنسيًا للوصول إلى الرعاية الصحية هو من خلال لجنة تصحيح الجنس، التي ليس لديها معايير، آليات، لوائح، أو حتى قواعد واضحة تَحكُم عَمَلها. لا تعقد اللجنة مقابلاتٍ بانتظام، وقراراتها تعسفية وليست مُلزمة قانونيًا، لأنها كيان مهني وليس تنفيذي. إن قضية مدعيتنا ليست فريدة من نوعها، حيث فشلت اللجنة بشكلٍ منهجيٍ في تقديم قراراتٍ في الوقت المناسب للمتقدمين العابرين جنسيًا، مما يسبب قدرًا كبيرًا من الاضطراب النفسي والعاطفي للأشخاص العابرين جنسيًا الذين لم يتمكنوا من الحصول على الرعاية الصحية. وبالتالي، فإن عدم تقديم الرعاية الصحية للأفراد العابرين جنسيًا ينتهك الالتزامات الدستورية للدولة بتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها وينتهك بنود المساواة في الدستور، حيث يتم استبعاد العابرين جنسيًا بشكلٍ منهجيٍ من خدمات الرعاية الصحية الحكومية بسبب عدم اتخاذ اللجنة إجراءات.

إضافة لذلك، فإن اللجنة بتشكيلها الحالي غير قانونية، حيث يجب أن يكون فحص وتوفير الرعاية الصحية للمواطنين ضمن تخصص فرع السلطة التنفيذية المُتمثِّلة في وزارة الصحة، وليس كيانًا مهنيًا مثل النقابة الطبية. وعلى وزارة الصحة التزام قانوني بتصحيح هذا الوضع غير القانوني عن طريق نقل عمل اللجنة وواجباتها من النقابة الطبية إلى وزارة الصحة. إن وزارة الصحة مُلزَمَة بإنشاء إطارٍ تنظيميٍ عمليٍ يَحكُم عمل اللجنة، مما يسمح لها بتقديم القرارات والرعاية الصحية للأشخاص العابرين جنسياً في الوقت المناسب.

  • الطلبات:

قبول الطعن شكلًا وموضوعًا.

إصدار أمرٍ عاجلٍ من المحكمة للسماح لمدعيتنا بالخضوع لرعاية صحية لتصحيح الجنس.

تصحيح الانتهاكات التي عانت منها المدعية من خلال إصدار قرارٍ إيجابيٍ يسمح لها بمواصلة رعايتها الصحية المؤكِّدة للجنس والحصول على الاعتراف القانوني بالجنس متمثلا في السماح بتغير اوراقها الثبوتية بعد الانتهاء من العمليات الجراحية.

للمزيد من المعلومات عن القضية الرجاء التواصل معنا علي legal.aid@cairo52.com

للاسئلة الاعلامية علي media@cairo52.com 

 مواطنين/ات مع وقف التنفيذ: عن إشكاليات تغيير أوراق والحصول علي الخدمات الطبية للعابرين/ات في مصر

 مواطنين/ات مع وقف التنفيذ: عن إشكاليات تغيير أوراق والحصول علي الخدمات الطبية للعابرين/ات في مصر

كتابة: مريم شاهين 

 مواطنين/ات مع وقف التنفيذ: عن إشكاليات تغيير أوراق والحصول علي الخدمات الطبية للعابرين/ات في مصر

تعتبر الحقوق المدنية للأشخاص في الدول المدنية الحديثة مثل الحق في الحياة، الحرية، الاعتراف بالاسم، الجنسية، الشخصية القانونية، من الحقوق المسلم بها في مواثيق حقوق الإنسان العالمية، والتي كفلتها دساتير أغلب دول العالم. ولكن هذه الحقوق الإنسانية “البديهية” للبعض ليست كذلك لجميع الأفراد. فعلى أرض الواقع يكافح العديد من الأفراد من أجل الحصول على تلك الحقوق/ الامتيازات التي لا يشعر بقيمتها الحقيقية أغلب الأفراد وهم يعيشون حياتهم اليومية. تلك البطاقات والأوراق ذات الأختام الرسمية اللامعة التي تسمح للإنسان بالالتحاق بالجامعة أو العمل أو حجز تذكرة سفر أو المرور في كمائن الشرطة، أو فتح حساب بنكي، أو تأجير أو شراء إحدى العقارات، تلك البطاقات والأوراق التي تطوى بإهمال وعلى عجل في الحقائب وجيوب السترات والأدراج، تبدو للبعض كتذاكر ويلي وانكأ الذهبية لمصنع الشوكولاتة![1] ..عن العابرين/ات ومعاناة التعايش والاعتراف والاندماج نتحدث.

من هم العابرين/ات

يتم تحديد جنس الفرد عادة بموجب تحديد الأعضاء التناسلية بمجرد الميلاد ويعطي الفرد اسمه وبالتالي ينتظر منه لعب الدور الاجتماعي المتوقع وفقا لذلك. ولكن بعض الأفراد لا تمضي حياتهم/ن بتلك السلاسة. فهناك بعض الأشخاص الذين يعانون من “اضطراب الهوية الجنسية” أي الشعور بأن هويتهم العقلية/ نوعهم الاجتماعي غير متوافق مع جسدهم/ن البيولوجي. ويعاني العابرين/ات من الانزعاج الجندري الذي تتراوح حدته من شخص لآخر. ويسعى العابرين/ات للخضوع للمتابعة النفسية والعلاج الهرموني والجراحات التحويلية من أجل التوفيق بين جنسهم/نوعهم الاجتماعي وبين أجسادهم/ن البيولوجية. ولكن عادة ما يستتبع تلك الخطوات العديد من العراقيل القانونية والإجرائية، ناهيك عن الوصم الاجتماعي والتمييز والتهديدات التي يتعرض لها العابرين/ات سواء من قبل الدولة أو من المواطنين الغير رسميين.

الوضع القانوني للعابرين/ات في مصر

من فترة لأخرى يُسمع عن عمليات جراحية تتم هنا أو هناك لتغيير الجنس، وتعتبر أول عملية جراحية لتغيير الجنس في مصر قد حازت على قدر كبير من الاهتمام الإعلامي هي لـ “سالي” الطالبة بكلية الطب بجامعة الأزهر عام 1988 وقد أثارت هذة العملية الكثير من الجدل الديني والاجتماعي في مصر حول عمليات تغيير الجنس. ولكن مع ذلك لا يوجد أي قانون في التشريعات المصرية ينظم قواعد وإجراءات تغيير الجنس، أو حتى الاعتراف بوجود “العابرين/ات”. ويبدو هذا الفراغ التشريعي متعمداً، إذ أن الاعتراف بوجود “العابرين/ات” سوف يتبعه بالضرورة مطالبتهم بحقوقهم المدنية وفقا للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي صدقت عليها الدولة المصرية، بالإضافة لاستحقاقات الدستور المصري وكافة التشريعات الوطنية. لكن إذا كانت الدولة المصرية لا تعترف بالعابرين/ات ولا يوجد قانون ينظم قواعد وإجراءات عمليات تغيير الجنس وبالتالي تغيير الأوراق الرسمية، فلمن يجرون تلك العمليات، وعلى أي أساس قانوني أو رسمي تتم تلك العمليات على قلتها؟

لجنة تصحيح الجنس

حتى مطلع عام 2003 لم يكن هناك أي قوانين أو قواعد إدارية تنظم إجراءات عمليات تغيير الجنس، ما يعني أن تلك العمليات في حالة إجرائها كانت تتم وفقا لتعليمات وتوجيهات بعض المسئولين في الجهات الحكومية المختلفة والتي قد تتباين قراراتهم وفقا لاختلاف آرائهم وخلفياتهم الثقافية والدينية والاجتماعية في تلك العمليات. ولكن في سبتمبر 2003 أصدر وزير الصحة لائحة تنظيم آداب المهنة والتي نصت لأول مرة في أدبيات الدولة المصرية بشكل رسمي على جراحات تحويل الجنس. حيث نصت المادة 43 من اللائحة على تشكيل لجنة لتصحيح الجنس وقد اشترطت اللجنة لإجراء عمليات التصحيح أن ” تتم العملية بعد إجراء التحاليل الهرمونية وفحص الخريطة الكروموزومية وبعد قضاء فترة العلاج النفسي والهرموني المصاحب لمدة لا تقل عن عامين.”

ولكن الفئة المخاطبة بلجنة تصحيح الجنس هم في الحقيقة “بيني الجنس” وليس العابرين/ات. أي الأشخاص الذين لديهم خلل بيولوجي أو هرموني ويتراوح جسدهم بين الذكورة والأنوثة، بينما لا تعني تلك اللجنة بحالات العابرين/ات الذين يعانون من “اضطراب الهوية الجنسية” أي الأشخاص الذين يريدون العبور الجنسي لأسباب نفسية بدون أن يصاحبها أسباب بيولوجية. وإن كانت تسمح اللجنة من حين لآخر للعابرين/ات بتقديم طلباتهم إليها بدون أي وعود مسبقة بقبولها أو مواعيد محددة للرد عليها.

وقد نصت لائحة نقابة الأطباء بشكل صريح على رفض عمليات تغيير الجنس والقبول بتصحيح الجنس لبيني الجنس فقط، ويأتي هذا الموقف رغبة في عدم الاصطدام بالمؤسسات الدينية الرسمية التي تعترف ببيني الجنس فقط دون العابرين/ات جنسيا. فقد صرح الدكتور على جمعة المفتي السابق للدولة بـ

“إنه لا يجوز إجراء العملية الجراحية التي تسمى: تحويل الجنس أو تغييره أو تصحيحه إلا في حالة الخنثى الذى اجتمعت فيه أعضاء جسدية تخص الذكور والإناث (كآلة التناسل مثلا)، كما يتضح أنه لا يجوز شرعا الاعتماد في تحديد هوية (الخنثى المشكل) الجنسية على سلوكه وميوله إلا في حالتين: الأولى: عند العجز عن التحديد بناء على العلامات المادية المذكورة، والثانية: إذا لم يكن له ذكر رجل ولا فرج أنثى، وفيما عدا هاتين الحالتين لا يجوز إلحاقه بأي الجنسين بناء على ميوله القلبية أو ما يمكن أن يعبر عنه اليوم بالإحساس الداخلي بأن روحه تنتمى إلى الجنس الآخر.”

 ويمكننا أن نستشف رأي مؤسسة دار الإفتاء في أغلب طلبات تغيير الجنس المرسلة إليها من لجنة تصحيح الجنس وفقا لفهم رجال الدين لإشكالية العبور الجنسي. ففي حين ترحب بالموافقة لبيني الجنس-الخنثى بالتعبير الفقهي- فهي ترفض بشكل قاطع العابرين/ات الذين يعانون من “اضطراب الهوية الجنسية” دون أن يعانوا من أي اضطرابات بيولوجية.

تشكيل اللجنة

تتشكل اللجنة من 2 أطباء نفسيين، وأستاذ علم وراثة، وأستاذ أمراض ذكورة، ورئيس اللجنة من نقابة الأطباء، وتخضع اللجنة لإشراف مباشر من جانب لجنة آداب المهنة بالنقابة. هذا بالإضافة لعضو من دار الإفتاء المصرية.

ومنذ تشكيل هذه اللجنة لا يوجد أي بيانات رسمية عن عدد الطلبات التي قدمت إليها وعن عدد الطلبات التي تم الموافقة عليها أو رفضها، ولا يوجد في الحقيقة أي إجراءات محددة تلزم اللجنة بالموافقة أو الرفض في مدة زمنية محددة. ولكن في سبتمبر 2021 صرح د. أسامة عبد الحي رئيس اللجنة بأن

 “هناك 14 حالة تم إحالتهم للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، لإصدار الفتوى الخاصة بكل حالة، بالإضافة إلى 27 ملف لحالات في انتظار العرض على اللجنة بعد استكمال المرضى لأوراقهم. بالإضافة لأنه منذ عام 2013 وحتى الآن لم تحصل إلا حالة واحدة على الموافقة الطبية من اللجنة وصدر لها فتوى الأزهر لإجراء جراحة تصحيح الجنس لها، إلا أن النقابة لم تتابع بعد الموافقة إن كانت الحالة أجرت الجراحة بالفعل أم لا.”

وكانت تلك الطلبات خاصة بالعابرين/ات الذين يعانون من اضطراب الهوية الحسنية ، بينما صرح في وقت سابق انه في الفترة منذ عام 2014 وحتى عام 2017 قد وافقت اللجنة على 87 طلبا خاصين “ببيني الجنس”. أي أنه في خلال 8 سنوات تمت الموافقة على طلب واحد فقط خاص بـ “مضطربي الهوية الجنسية” ، بينما تمت الموافقة على 87 طلب خاص بـ “بيني الجنس” في ثلاثة أعوام فقط.

وإذن فيمكن للعابرين/ات أن ينتظروا مدة غير محددة قد تصل لسنوات بدون أن تفصل اللجنة في طلباتهم بتحويل الجنس سواء بالقبول أو الرفض. وفي خلال هذه الفترة المليئة بالمعاناة لهم/ن والاضطهاد المجتمعي والضغوط النفسية والانزعاج الجندري، يجبر العابرين/ات على الاختيار بين قرارين كلاهم مر، الأول هو انتظار قرار اللجنة لعدة سنوات رغبة في التمسك بالأمل، عالمين/ات بأن القرار قد يأتي بالرفض في النهاية، مخاطرين بضياع العديد من سنوات أعمارهم/ن في معاناة وألم بلا أي طائل. والثاني هو البدء في الخضوع للعلاج الهرموني بدون انتظار قرار اللجنة، وهو ما قد يصعب من استكمال اجراءات تغيير أوراقهم/ن بشكل رسمي.

ومما يؤخذ على” لجنة تصحيح الجنس ” أنه لا يوجد أي تفسير لضرورة وجود ممثل لدار الإفتاء في تلك اللجنة الطبية المتخصصة؟ أو عن ضرورة إرسال طلبات العابرين/ات لدار الإفتاء مرفقة بآراء اللجنة الطبية؟ …هل هي وصاية دينية؟ ولماذا لا يوجد ممثل عن الكنيسة المصرية للعابرين/ات المسيحيين؟

وبالرغم من عدم تحديد اللائحة لأي دور لمؤسسة دينية يتقاطع مع عمل لجنة تصحيح الجنس ولكن مع ذلك فضلت نقابة الأطباء إضافة عضو من دار الإفتاء أو إرسالها لطلبات العابرين/ات إليها، وذلك تجنباً لأي صدام أو هجوم محتمل من المؤسسات الدينية ضد عمل اللجنة. والحق أن تدخل مؤسسة دار الإفتاء المصرية في عمل تلك اللجنة يطرح العديد من الأسئلة حول وصاية المؤسسات الدينية على عمل لجنة علمية متخصصة تتبع نقابة الأطباء المصرية وفي شأن طبي لا يمكن أن تمتد إليه معرفة العاملين بدار الإفتاء على الإطلاق.

إشكاليات العمليات الجراحية في مصر

يعتبر احتياج الإنسان للرعاية الصحية ومدى توافر الخدمات الطبية وإمكانية الوصول إليها جزءاً أصيلا من حقوق الإنسان الأساسية، ولكن نظرا لعدم اعتراف الدولة المصرية بوجود العابرين/ات، فلا تتيح لهم إجراء عمليات “تحويل الجنس” بإرادتهم المنفردة. وتشترط موافقة لجنة تصحيح الجنس لإجراء تلك العمليات. ووفقا للائحة آداب المهنة فإنه يحظر على الأطباء إجراء عمليات “تحويل الجنس” وقد يتعرض الطبيب الذي يجري عمليات تحويل الجنس بدون موافقة اللجنة للمسائل التأديبية والتي قد تصل لشطبه من النقابة.

وتضطر هذه الظروف العديد من العابرين/ات إلى اللجوء لبعض الأطباء الذين يجرون هذه العمليات في الخفاء خاصة في ظل موافقة غالبا ما تجئ بالرفض أو يظل مصيرها معلقا للأبد. وعادة ما تتم تلك العمليات في عيادات خاصة وأماكن سرية وبدون الحد الأدنى من الرعاية الطبية اللازمة ما قد يتسبب أحيانا في وفاة العابرين/ات، ومن أبرز تلك الوقائع هو وفاة العابر جنسيا “أحمد فارس” والمعروف باسم عز في مصر في أغسطس 2021.

 ومع ذلك لا تقتصر مشاكل عمليات تحويل الجنس في مصر على مخاطر الوفاة فقط في حالة إجراء تلك العمليات خارج الإطار الرسمي، بل يعاني العابرين/ات أيضاً لعدم توافر الأطباء المتخصصين بشكل كافي في تلك العمليات في مصر. وقد صرح رئيس لجنة تصحيح الجنس بأنه

 ” لا يوجد لدى اللجنة حصراً بعدد الأطباء الذين يمكنهم إجراء عمليات تحويل الجنس، بالإضافة إلى أن الدراسة النظرية قاصرة ومحدودة جدا، لأن هذا النوع من العمليات يحتاج إلى تخصصات دقيقة ومتقدمة جدا، وليس في التخصصات العامة التي يتم تدريسها بكليات الطب.”

ما يعني أن العابرين/ات مهددين بإجراء عمليات ربما قد لا تكون موافقة للحد الأدنى من المعايير الطبية مقارنة بمستوى نجاح تلك العمليات في دول أخرى. 

التكلفة الاقتصادية لعمليات تغيير الجنس

لا تقتصر معاناة العابرين/ات على الاضطهاد المجتمعي وعدم لاعتراف الدولة بهويتهم فقط، بل تشمل معاناتهم الجانب الاقتصادي أيضاً. فحتى بافتراض نجاحهم في الحصول على موافقة من لجنة تصحيح الجنس إلا أن ذلك لا يعني أن الدولة تتكفل بإجراء العملية أو حتى بتوجيه العابرين/ات إلى بعض الأطباء التي تثق فيهم اللجنة. ويتعين على العابرين/ات البحث بأنفسهم عن دكتور يمكن أن يكون ملما بهذا النوع من العمليات مع حصولهم على كافة الموافقات الرسمية. وكان متوسط تكلفة تلك العملية حتى عام 2021 حوالي ثلاثين ألف جنية بدون أن تشمل الرعاية الصحية والأدوية اللازمة، وبالقطع قد تضاعف هذا المبلغ الآن خاصة بعد تعويم الجنية المصري في نهاية عام 2022 وبداية عام 2023. وبالقطع يشكل هذا عبئا كبيرا على العابرين/ات الذين ينتمون للطبقة المتوسطة أو الفقيرة. ولا تبدو الدولة أو الجمعيات الأهلية مهتمين بدعم التكلفة المادية لتلك العمليات أسوة باهتتماهم بدعم عمليات أخرى، ظنا منهم أن عمليات تغيير الجنس تدخل في إطار عمليات التجميل أو الرفاهية. بينما يمثل الانزعاج الجندري لدي العابرين/ات كابوسا قد يدفع بعضهم/ن للانتحار أحياناً بسبب الضغوط النفسية والاجتماعية للتأخر في إجراء العملية.

أما في حالة عدم نجاح العابرين/ات في الحصول على الموافقات الرسمية اللازمة وعلى رأسها موافقة لجنة تصحيح الجنس فإن الوضع يزداد سوءا.  فعادة ما يضطر العابرين/ات إلى الحصول على الخدمات الطبية من الباب الخلفي ويتعرضون أحياناً للنصب والوقوع في حبائل السماسرة والوسطاء، بالإضافة لدفع مبالغ مضاعفة عن تكلفة العمليات الرسمية والتي تتم في المستشفيات الحكومية أو الخاصة كثمن لإجراء العملية بدون الموافقات الرسمية. كل هذه العوامل تجعل عمليات تغيير الجنس الضرورية للعابرين/ات في متناول القادرين على تكلفتها الاجتماعية فقط للأسف.

إشكاليات تغيير الأوراق

وفقا للسيناريو المثالي يجب على العابرين/ات أن يتقدموا بطلب إلى السجل المدني التابعين له، وانتظار رد لجنة تغيير القيد، وقد نصت المادة 46 من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994 على تشكيل لجنة تغيير القيد لتنظيم حالا ساقطي القيد أو تصحيح البيانات إلخ، ولكنها لم تنص على حالات تغيير النوع/الجنس ومع ذلك تظل هي اللجنة المختصة لتلقي قبول طلبات العابرين/ات. وفي حالة الموافقة على الطلب تتم إجراءات تغيير الأوراق الرسمية. وفي الحقيقة لا تختلف أدبيات عمل البيروقراطية الحكومية في لجنة تغيير القيد عن غيرها من اللجان، فعلى حسب الموقع الاجتماعي والطبقي للشخص ومدى قوة علاقاته ونفوذه يمكن أن تختلف الفترة الزمنية اللازمة لأنهاء الأوراق الرسمية. بل وأحياناً يمكن أن يتوقف مصير الطلب سواء بالقبول أو الرفض بناء على هذه العوامل! وإذا كان هذا هو طبيعة الأمور في المصالح الحكومية العادية، إلا أن تحكم تلك اللجنة في قرار مصيري مثل تغيير الأوراق الرسمية للعابرين/ات وبالتالي إعطائهم قبلة الحياة للاستمرار في “ممارسة الحياة” كمواطنين مصريين، لا يتحمل أن تعصف به موازين القوى الاجتماعية والاقتصادية، خاصة لدى العابرين/ات الفقراء والمنتمين للطبقي الوسطى.

ولكن هذا السيناريو المثالي نادر الحدوث. وعادة ما ينتظر العابرين/ات موافقة لجنة تصحيح الجنس على طلباتهم/ن لعدة سنوات، وفي حالة اليأس من انتظار رد اللجنة أو الرد بالرفض، يبدأ بعض العابرين/ات إلى العلاج الهرموني ومن ثم يتقدمون بطلب تغيير القيد أمام السجل المدني. ولكن قرارات لجنة تغيير القيد لا تتبع سياسة عامة موحدة في جميع محافظات مصر، بل تتغير من سجل مدني لآخر وفقا لقناعة وثقافة العاملين به، وبالتالي إذا كان العابرين/ات محظوظين يمكن أن يقدموا طلباتهم في سجل مدني يتعاطف مع حالاتهم، وإلا فمصير طلباتهم هو الرفض.

في حالة الرفض لا يكون أمام العابرين/ات سوى التقاضي أمام القضاء الإداري لإلزام الدولة بتغيير الأوراق ولكن خطورة تلك الخطوة أنه في حالة رفض الدعوى فإنه لا يحق للشخص رفع الدعوى لنفس السبب مرة أخرى، بمعنى آخر لا يكون لدى العابرين/ات أي سبيل أو خطوات لتغيير الأوراق الرسمية حتى بعد خضوعهم للعلاج الهرموني وتغيير ملامح أجسادهم/ن عن خانة الجنس المدون في الأوراق الرسمية وبالتالي يكون العابرين معرضين لوضع يمكن تسميته بالموت المدني! فأجسادهم/ن لم تعد تتطابق مع أوراقهم الثبوتية القديمة ولم يعد من السهل أن يتعاملوا مع المجتمع والمصالح الحكومية وفقا لها، وهم كذلك لم يحصلوا على أوراق ثبوتية جديدة!

ولنا أن نتخيل وضع العابرين/ات في هذا الوضع المعلق وهم مضطرين إلى شرح وضعهم/ن وهم في حاجة للحصول على عمل أو تأجير مسكن أو احتياجهم لعمل توكيل محاماة لإنجاز بعض الاجراءات القانونية أو مطالبتهم/ن بحقهم في الميراث أو حتى تجديد أوراقهم الثبوتية.. فهم في نظر الدولة المصرية مواطنين/ات مع إيقاف التنفيذ حتى إِشعار آخر!

[1] من قصة “تشارلي ومصنع الشوكولاته”  1964 للكاتب الإنجليزي رولد دال.

في كأس العالم هذا، كان الخاسر الأكبر كان هو مجتمع الميم عين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في كأس العالم هذا، كان الخاسر الأكبر كان هو مجتمع الميم عين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

في كأس العالم هذا، كان الخاسر الأكبر هو مجتمع الميم عين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

 

كتابة: نورا نورالله 

لقد نجحت قطر في عام ٢٠١٠ في طلبها لاستضافة كأس العالم، ومؤخراً فقط أبدت وسائل الإعلام الغربية وفرق كرة القدم قلقها بشأن حقوق مجتمع الميم عين خلال كأس العالم. لم يأتي هذا القلق المفاجئ بشأن حقوق مجتمع الميم عين من باب الاهتمام الحقيقي بأفراد مجتمع الميم عين في المنطقة ولكن فقط بعد أن قام المشجعون/ات الغربيون/ات من مجتمع الميم عين بإبداء قلقهم/ن بشأن حضور كأس العالم، بسبب قوانين قطر المناهِضة لمجتمع الميم عين. بينما تستحق قطر الكثير من الانتقادات لسجلها بخصوص حقوق مجتمع الميم عين، فقد سمح لها الغرب بصرف معظم هذا النقد بسبب التغطية الخرقاء المتمحوِرة حول الغرب.

وكان لدى وسائل الإعلام الغربية وفرق كرة القدم العديد من الخيارات فيما يتعلق بحقوق مجتمع الميم عين في كأس العالم؛ كان بإمكانهم استخدام كأس العالم لترديد أصوات حركة حقوق مجتمع الميم عين في المنطقة أو تسليط الضوء على الانتهاكات التي يواجهها الأشخاص من مجتمع الميم عين. بدلاً من ذلك، اختاروا الخيار الأسوأ الممكن، وهو التركيز على الأداءات التمثيلية المتمحوِرة حول الغرب والتي أضرت بأفراد مجتمع الميم في المنطقة.

لقد قام سرد مجتمع الميم عين المتمحوِر حول الغرب خلال كأس العالم بتركيز الاهتمام بشكلٍ أساسيٍ على الحفاظ على صورةٍ أخلاقيةٍ أمام الجمهور الغربي. تُشير الحركات التمثيلية المتمحوِرة حول الغرب للفِرَق المشارِكة في هذه الرواية إلى أنها كانت مهتمةً بشكلٍ أساسيٍ بإيجاد مبررٍ أخلاقيٍ للعب في كأس عالمٍ فائضٍ بانتهاكاتٍ للحقوق الإنسانية.

يتم انتقاد حركة النشاط المتمحوِرة حول الغرب لكونها ضارةً، لفشلها في فهم السياقات المحلية، ولمعاملة الحقوق الإنسانية على أنها تصدير من الغرب إلى الشرق، وليس شيئًا بإمكانه أن يَنتُج محليًا. وهكذا، اتجهت الحركة العالمية للحقوق الإنسانية في العقود الأخيرة نحو إنهاء الاستعمار في تنظيم الحقوق الإنسانية من خلال التركيز بشكلٍ أكبر على دعم الجماعات الحقوقية المحلية التي تَعرِف أفضل الطرق لوضع الاستراتيجيات وفقا لسياقاتها.

ومع ذلك، يبدو أن وسائل الإعلام الغربية وفِرَق كرة القدم لم تفهم تلك النقطة، لأن النقاش الذي اتبعوه يعكس كل ما هو خاطئ في النشاط المتمحوِر حول الغرب. ذهب الغرب إلى كأس العالم بعُقْدَة المنقِذ الأبيض، معتقدين أنهم فقط بإمكانهم إنقاذ أفراد مجتمع الميم عين في المنطقة، متجاهلين وجود حركةٍ إقليميةٍ قوية.

ربما لا يوجد مثال أفضل على عُقدة المنقِذ الأبيض مما فعله بيتر تاتشيل، الناشط البريطاني لمجتمع الميم عين، قبل أسابيعٍ فقط من بداية كأس العالم. قرر السيد تاتشيل أداء حيلةٍ أثناء مروره عبر مطار الدوحة الدولي ونظم “احتجاجًا” لشخصٍ واحدٍ ضد سِجِل قطر لمجتمع الميم عين. بينما احتفلت وسائل الإعلام الغربية بشجاعة السيد تاتشيل المفترَضة، انتقد بعض نشطاء المنطقة أفعاله باعتبارها لا شيء سوى نشاط المنقِذ الأبيض المتمحوِر حول الغرب. كان السيد تاتشيل يعلم أن امتيازاته الغربية ستحميه من أي أذىً من قبل السلطات القطرية. بالإضافة إلى ذلك، تم الكشف لاحقًا عن أن السيد تاتشيل كان على اتصالٍ بأشخاصٍ من مجتمع الميم عين المقيمون/ات في قطر، والذين طلبوا/ن منه عدم القيام بمثل هذه الحيلة من أجل سلامتهم/ن.

في وقتٍ لاحق، دخلت سبعة فِرَقٍ أوروبيةٍ في معركةٍ مؤسِفةٍ مع فيفا بسبب ارتداء رابطة ذراع حب واحد خلال مبارياتهم. زعمت الفِرَق أن هذه كانت طريقتهم في “إظهار الدعم” لأفراد مجتمع الميم عين في المنطقة. ومع ذلك، في اللحظة التي هددت فيها فيفا ببطاقةٍ صفراء؛ تراجعت الفرق وقررت عدم ارتداء رابطة الذراع. قرر الفريق الألماني القيام بأداءٍ تمثيليٍ نهائيٍ واحدٍ عندما غطى لاعبوه أفواههم في كأس العالم احتجاجًا على تقييد فيفا لحريتهم في التعبير.

يعرف أولئك المطلعون/ات على حقوق مجتمع الميم عين في المنطقة أن كل هذه الأعمال التي تتمحور حول الغرب هي ضارة بأفراد الميم عين في المنطقة، لأنها تُغذي الاعتقاد بأن حقوق مجتمع الميم عين هي جزء من حربٍ ثقافيةٍ أكبر بين الشرق الأوسط والغرب. إن الخلاف القطري حول هذه القضية خلال كأس العالم هو الأكثر شيوعًا بين الحكام الاستبداديين والأطراف المحافِظة. في السنوات الأخيرة، عملت هذه الأطراف على فصل حقوق مجتمع الميم عين عن الحقوق الإنسانية من خلال تصوريها على أنها مشكلة ثقافية وأيديولوجية. في حين أن الحقوق الإنسانية قابلة للتفاوض، فإن الثقافة شيء يجب احترامه.

وبالتالي، يتم تأطير أفراد ونشطاء مجتمع الميم عين في المنطقة على أنهم/ن “اختراعات أو عملاء غربيون/ات” يهدفون/ن إلى نشر الفجور الغربي في المجتمع. في عام ٢٠٢٢، حَظَرت عِدة دولٍ في المنطقة، بما فيهم قطر، الأفلام الغربية لتمثيلها لأفراد مجتمع الميم عين وشَنت حملة ضد “ألعاب قوس قزح“، مدعيةً أن هذه الألعاب هي جزء من مؤامرةٍ غربيةٍ لإفساد الأطفال. في خلال ذلك، بدأت حملة كبيرة مناهِضة لمجتمع الميم عين على وسائل التواصل الاجتماعي تسمى “فطرة” في مصر وانتشرت بسرعةٍ في جميع أنحاء المنطقة، واكتسبت ملايين المؤيدين/ات وزعمت أن هناك “أجندة غربية” لإفساد الشباب.

المثير للاهتمام في هذا النقاش هو أنه يدعي دائمًا أن الحقوق الإنسانية الأساسية للجميع مضمونة، وأن هذا ليس خطاب كراهيةٍ أو دعوةً للعنف ضد مجتمع الميم عين، ولكنه دعوة للحفاظ على ثقافة الشرق الأوسط والقيم الاجتماعية من المبادئ الغربية. لا يختلف هذا النقاش أيضًا عن النقاش العالمي المناهِض لمجتمع الميم عين، والذي غالبًا ما يستخدم الشباب والأطفال كرمزٍ للحد من حقوق مجتمع الميم ونشر خطاب الكراهية ضد أفراد مجتمع الميم عين.

عند الوصول إلى كأس العالم، استفاد الممثلون/ات المناهِضون/ات لمجتمع الميم عين في المنطقة بالشكل الأكبر من التغطية الخرقاء وأحيانًا العنصرية الصريحة للحدث. لم تفشل وسائل الإعلام الغربية في فهم السياقات المحلية فحسب، بل شددت أيضًا على خلاف الحرب الثقافية لمجتمع الميم عين بين الغرب والشرق. سرعان ما اختار الممثلون/ات المناهِضون/ات لمجتمع الميم المبادئ والمصطلحات بعد الاستعمار لهدفهم/ن، مدعين/ات أن التغطية الإعلامية الغربية هي شكل من أشكال الاستعمار الثقافي الجديد وكراهية الإسلام، وأن “الرجل الأبيض” يحاول فرض أيديولوجية مجتمع الميم عين عليهم/ن. بالإضافة إلى ذلك، كانت الجهات الفاعلة المناهِضة لمجتمع الميم في المنطقة تعلم بالفعل أن مجتمعات الشرق الأوسط سئمت من وَعْظ الغرب بشأن الحقوق الإنسانية، خاصة بعد التغطية العنصرية لحرب أوكرانيا. لم يستطع بعض المراسلين/ات إلا الإشارة إلى أن الناس يجب أن يهتموا بهذه الحرب لأنها تشمل الأوروبيين/ات المتحضرين/ات، وليس السوريين/ات أو العراقيين/ات.

وبالتالي، يبدو أن النقاش المتمحوِر حول الغرب خلال كأس العالم قد أضر بأفراد مجتمع الميم عين في المنطقة أكثر من أي شيءٍ آخر. أطلقت الكويت والعراق المجاورتان بالفعل حملة وطنية ضد مجتمع الميم عين ردًا على ما حدث خلال كأس العالم. من المحتمل أن تحدث المزيد من الحملات المناهِضة لمجتمع الميم التي ترعاها الدولة في جميع أنحاء المنطقة بعد كأس العالم. عندما يختفي الاهتمام، سيبقى أفراد مجتمع الميم عين وهم/ن يحملون/ن الحقيبة، كما قال رجل كويري يعيش في قطر لرويترز، “ماذا يحدث عندما تنتهي كأس العالم؟ هل يتوقف التركيز على الحقوق؟” 

إذًا، هل فات الأوان لمساعدة أفراد مجتمع الميم في المنطقة؟ لا، ليس بعد. يجب أن يبدأ الغرب بإسقاط أدائه التمثيلي للمنقِذ الأبيض والاعتراف بوجود حركة مجتمع الميم عين الإقليمية القادرة. في العقود الماضية، تطورت حركة حقوق مجتمع الميم عين في المنطقة لإثبات نفسها كمنافسٍ جديرٍ للجهات الفاعلة المناهِضة لحقوق مجتمع الميم عين في المنطقة. لقد نجحت هذه الحركة في اختراع وحدةٍ سياقيةٍ من النشاط تستمد قوتها من احتياجات أفراد الميم عين في المنطقة وليس النشاط المتمحوِر حول الغرب.

تحتفل هذه الوحدة بالتاريخ والأشخاص الكويريين/ات في المنطقة وتُركز على تطبيع هويات الكويريين/ات داخل المجتمع الأكبر لمكافحة سرود “الاختراع الغربي”. تتطلب هذه الوحدة أيضًا من الغرب التحالف في نضالهم/ن من أجل التحرير الكويري؛ ومع ذلك، فإن التحالف مختلف تمامًا عما حدث خلال كأس العالم. يجب على أولئك الذين يهتمون حقًا بحقوق مجتمع الميم عين في المنطقة قضاء المزيد من الوقت في الاستماع والتعلم من أفراد مجتمع الميم عين في المنطقة لمعرفة أفضل الطرق لدعمهم/ن. بينما كان السيد تاتشيل مشغولاً بالقيام بحيلته الإعلامية، نشرت هيومان رايتس واتش تقريرًا يوضح بالتفصيل الانتهاكات التي يواجهها مجتمع الميم في قطر، باستخدام العالم للفت الانتباه إلى هذه القضية. يوضح لك هذان المثالان الفرق بين الحليف والمنقِذ الأبيض المتمحوِر حول الغرب.

يجب أن يدرك الغرب أيضًا أنه لم يقم باختراع حقوق مجتمع الميم عين وأن ليس لديه احتكار لكيفية انتشارها. على العكس ذلك، لعِب الغرب دورًا مهمًا في القضاء على هويات مجتمع الميم عين على مستوى العالم خلال فترة الاستعمار. إن حقوق مجتمع الميم عين الحديثة ليست مسألةً قائمةً وحدها، لأنها تنبع من الحقوق الإنسانية الأساسية مثل الحقوق في الخصوصية، المساواة، وعدم التمييز. وبالتالي، من الضروري عند محاولة الترويج لمجتمع الميم عين خارج السياقات الغربية تقاطع حقوق مجتمع الميم عين مع الحقوق الأساسية الأخرى لكسب المزيد من القبول من المجتمع.

أخيرًا، من المتوقع أن تحقق فيفا إيراداتٍ بقيمة ٧,٥ مليار دولار أمريكي من كأس العالم هذا. في الوقت نفسه، فإن مكافأة المشارِك لأي فريقٍ قد لعب في كأس العالم لهذا العام هي ٩ ملايين دولار؛ يزداد إذا تقدم الفريق إلى مراحل خروج المغلوب. وفي الوقت نفسه، وفقًا لمشروع العمل الخيري العالمي (GPP)، وهي مجموعة خيرية تعمل على توجيه التمويل العالمي لمجتمع الميم عين، كانت حركة مجتمع الميم عين في المنطقة هي المنطقة الأقل تمويلًا في العالم فيما يتعلق بتمويل مجتمع الميم عين، مع ٨,٧ مليون دولار سنويًا في عام ٢٠٢٠.

ومن الضروري ترجمة الكلمات والرموز الداعِمة إلى أفعالٍ ملموسة. حتى لو كانت فيفا أقل ميلًا للتبرع لقضايا الحقوق الإنسانية، يجب على الفِرَق الفردية أن تأخذ القيادة وتفعل ذلك. أعلنت الفرق السبعة المشارِكة في جدل ربطة ذراع حب واحد قبل ذلك أنهم على استعداد لدفع غرامات لارتداء الرابطة. لذلك، ربما بدلاً من دفع غرامات إلى فيفا، يجب عليهم التبرع بجزءٍ من مكاسبهم لدعم حقوق مجتمع الميم عين في المنطقة.

الكتابة للمركز

الكتابة للمركز

في إطار سعي مركز القاهرة 52 للأبحاث القانونية على خلق مساحة امنة للكتاب/ات والباحثين/ات وغيرهم/ن من المهمتين بالسياسات والقوانين وحقوق الانسان في مصر، يرحب المركز بمقترحات او المقالات الكاملة في مواضيع متعددة منها:

  • الحقوق الجنسية والجسدية في القانون المصري والأعراف الدولية. (يشمل تعريف الحقوق الجنسية والجسدية حقوق العاملين/ات في الجنس التجاري، حقوق مجتمع الميم.ع, الحرية في التعبير الجسدي للنساء واخري.)
  • تحليل الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر من منظور حقوقي نسوي
  • تحليل قانوني لأوضاع الحريات الجنسية والجسدية في مصر (كتحليل قانوني عن جرائم الانترنت وفتيات التيكتوك او احكام المحاكم فيما يخص قضايا الزنا وغيرها)
  • تحليل نقدي لخطاب الكراهية على الانترنت (سياسات مواقع التواصل الاجتماعي فيما يخص ذلك الخطاب او تأثير ذلك الخطاب علي الفئات المستهدفة في الواقع وغيرها)
  • تحليل نقدي عن جرائم العنف ضد المراءة

نستقبل المقترحات في مواضيع اخري أيضا كحقوق ذوي الإعاقة، حرية التعبير، أحوال المتعايشين/ات بفيروس نقص المناعة البشري، تأثير الازمة الاقتصادية في مصر على الفئات المهمشة، الحماية الاجتماعية ودولة الرخاء في مصر وغيرها.  يشجع مركز القاهرة 52 من لم يسبق لهم نشر مقالات على تقديم المقترحات.

شروط عامة للمقال:

  • ان لا يقل عن ألف كلمة
  • ان يكون المقال عمل أصلي لم يتم نشره مسبقا
  • ان يكون مدعم بالمصادر ويفضل ان يتم إضافة المصادر ك hyperlink داخل المقالة

يوجد بدل مالي يقدر بحوالي 1200 جنية مصري للمقالة المنشورة.

أرسل لنا مقترح لا يزيد عن 300 كلمة وسيرة ذاتية قصيرة على الايميل التالي: media@cairo52.com

الرقيق الأبيض

الرقيق الأبيض

التغطية الصحفية للقضية. حقوق ملكية موقع الميزان

الرقيق الابيض 

كتابة: حسن احمد

ميمي شكيب، فنانة مصرية ولدت في ٢٥ ديسمبر ١٩١٣م، لأسرة أرستقراطية غنية، فجدها كان يعمل بالجيش ووالدها كان يعمل مأمور للشرطة، اتجهت للفن مع اختها زوزو شكيب، والتحقت للعمل بفرقة نجيب الريحاني، وقدمت الكثير من الأفلام الأبيض والأسود وكذلك الأفلام الملونة. تزوجت من الفنان المصري سراج منير، وهي الزيجة الوحيدة في حياتها حيث رفضت الزواج بعد وفاته.

بدأت حياتها العاطفية بعلاقتها برئيس الديوان الملكي احمد حسنين باشا في عهد الملك فاروق، وهو ما اثار حفيظة الملكة نازلي والتي كانت هي أيضا على علاقة عاطفية باحمد حسنين باشا أيضا، مما جعلها تطلب من نجيب الريحاني طردها من الفرقة وهو ما نفذه فورا. وانقطعت علاقتها باحمد حسنين باشا، لتبدأ علاقتها باحمد عبود باشا، ثم تتنقل بعده بين العديد من العشاق لتصبح حياتها العاطفية حديث الناس. الا ان قابلت سراج منير في اول افلامها “ابن الشعب”، لتنشي بينهم قصة حب بينهم تنتهي بالزواج، وتستمر تلك الزيجة حتى وفاته، لتعود بعدها ميمي شكيب الي حياة الحفلات والسهر.

والتي كان يتردد عليها “عبد السلام جلود” وهو مسؤول ليبي، وضع تحت المراقبة من قبل الشرطة المصرية بسبب حديثه في العديد من جلساته الخاصة عن ابنتي الرئيس المصري “محمد أنور السادات” وخصوصا في جلساته مع الرئيس معمر القذافي والذي كان في حالة عداء سياسي مع السادات بسبب عدم تقدير السادات لجهوده في حرب ٦ أكتوبر او مشاركته في اتخاذ قرارات الحرب وكانت تلك الجلسات تتسم بالسب والقذف في السادات وعائلته متمثلة في زوجته وبناته وانتقاد اخلاقهن وملابسهن التي لا تليق ببنات رئيس دولة عربية مسلمة، حتى انتشرت تلك الأحاديث في الأوساط السياسية ومن ثم الي مسامع السادات نفسه. اثارت تلك الأحاديث غصب السادات الذي أمر بتكثيف المراقبة على عبد السلام جلود ومن خلال المراقبة لاحظوا تردده الدائم على شقة الفنانة ميمي شكيب ومن التحريات اتضح أنها تستخدم شقتها للدعارة، ويتردد عليها الكثير من الزبائن أكثرهم من رجال الدولة في مصر والعالم العربي ورجال الأعمال.

 

لتصدر الصحف تصريح بانه “في صباح اليوم بدأت محاكمة أفراد شبكة “الرقيق الأبيض” التي تتزعمها الفنانة الشهيرة أمينة شكيب الشهيرة بميمي شكيب وتضم ثماني فنانات ومجموعة من النساء من خارج الوسط الفني، وكانت زعيمة الشبكة تدير نشاطها داخل وخارج مسكنها بدائرة قصر النيل، فتقدم لراغبي المتعة عضوات الشبكة، وتبين أن أغلب المتعاملين معها من الأقطار العربية”. لتبدأ قضية الرقيق الأبيض وهو الاسم التي عرفت به إعلاميا قضية القبض على “ميمي شكيب” وفنانات اخريات وسعودي بتهمة إدارة وتسهيل الدعارة يوم ٢٤ يناير عام ١٩٧٤م.

شير محضر الضبط ان تحريات وصلت الي الإدارة العامة لمباحث الآداب، إفادات بوجود شبكة دعارة تقودها الفنانة ميمي شكيب مع بعض الفنانات والشخصيات الأخرى، وهما: سهي زوجة نجلها محي، وميمي جمال، وسهير توفيق، وسامية شكري، وناهد يسري، وكريمة الشريف وفيري، ومشيرة إسماعيل، وعزيزة راشد، ونادية، وهنية، وعدة فنانات اخريات.

وكان قرار النيابة بحبس عدد منهن حبسا مطلقا، وهن: ميمي شكيب وامال رمزي وكريمة الشريف، وسامية شكري، وزيزي مصطفي، وكلهن ممثلات من الوسط الفني وعفاف محمد منير من خارج الوسط الفني. كما تقرر اخلاء سبيل ميمي جمال الممثلة بكفالة مئة جنيه، والخادمة بضمان محل اقامتها. وطلبت النيابة ضبط سها عزت زوجة ابن ميمي شكيب، والممثلتين سكر، وعزيزة راشد، ومشيرة إسماعيل مصممة الأزياء وناهد يسري الممثلة التي تم وضعها تحت التحفظ نظرا لوجودها في المستشفى على إثر حادث سيارة، وكذلك ثلاث سيدات اخريات.

ورغم ان المحضر يبدوا في ظاهره انه غير حقيقي، وذلك نظرا للتدخل السياسي في القضية، وتأثير الراي العام على مجرياتها، الا انه تم توجيه تهمة تسهيل الدعارة لميمي شكيب، اما باقي الفنانات فكانت تهمتهن ممارسة الدعارة مقابل اجر.  وانكرن جميع الفنانات التهم الموجهة إليهم، ولكن مع اعترافات الخادمة ان ميمي شكيب كانت تسهل الدعارة في شقتها وتلقي اجر من ٥٠ الي ١٥٠ جنيه في المقابل، تم توجيه التهم واستمرت التحقيقات.

وفي يوم ٣ فبراير عام ١٩٧٤، انعقدت اول جلسة للمحاكمة امام محكمة جنح الآداب بحضور ميمي شكيب وثماني ممثلات وعدد اخر من السيدات. وبدأت المحكمة بطلب محمد حسنين ممثل النيابة تنحي قاضي المحكمة اسعد بشاي استنادا الي مذكرة كتبها زميله حسين نعمان وكيل نيابة الآداب بان القاضي سبق ان ابدي رايه في الدعوي مما يمتنع عليه نظرها، كما تقدم المحامي عبد الرحيم عبد المقصود وهو محامي غير موكل في الدعوي بطلب اثبات حضوره بصفته محاميا مدنيا ضد جميع المتهمات، باعتبار ان القضية قد أسأت الي سمعة مصر والمرأة العربية في بلد يدين بالدين الإسلامي، وانه كعربي أولا ومواطن مصري ثانيا يقيم هذه الدعوي ضدهن بطلب تعويض قرش صاغ واحد، كما طالب بتنحي القاضي.

واستمرت المحكمة عدة أشهر، تم الحكم بالبراءة لعدم كفاية الأدلة، حيث ان اعتراف ميمي شكيب لم يكن صريحا، وان التسجيلات التي تمت لعدد من المكالمات الهاتفية لم تتخذ فيها الإجراءات القانونية المتفق عليها، فضلا عن ان عمليات الضبط تمت قبل الحصول على اذن النيابة، وقد استأنفت النيابة الحكم علي ثماني متهمات على أساس ثبوت التهمة عليهن استنادنا على اعترافاتهن الواردة في التحقيقات وسوابق بعضهن، ووافقت على حكم البراءة بالنسبة لكل من: ميمي جمال وعزيزة راشد، وناهد يسري، وسهير توفيق.

ولم يحضر جلسة النطق بالحكم سوي هيئة المحكمة المشكلة ومدير نيابة الآداب وامين السر، فيما عدا ذلك فقد خلت قاعة المحكمة من المتهمات ومحاميهن، حيث كانت جلسة سرية، وهو امر غير متعارف عليه في القضاة المصري، الا في حالة المحاكمات التي تتسم باشتراك قيادات الدولة بها، ما يعيد الي الاذهان محاكمات صلاح نصر، والتي كانت جلساتها سرية.

عانت ميمي شكيب بعد خروجها من السجن من اضطرابات نفسية واصيبت بالصمم والبكم، الأمر الذي دفعها لدخول مصحة نفسية للعلاج، ورغم حصولها على البراءة إلا أنها ابتعدت كثيرا عن الأضواء الفنية، لتعود على فترات متباعدة اخرها فيلم “السلخانة” عام ١٩٨٢م، ليأتي يوم ٢٠ مايو عام ١٩٨٣م، ليتفاجآه المارة بميمي شكيب ملقاة من شرفة شقتها بوسط البلد، الفنانة الأرستقراطية مواليد عام ١٩١٣م، ولم يعرف أحد مرتكب الجريمة، وأخذت الأحاديث تتردد وقتها، أن الأمر مدبر نتيجة القضية السابقة الشهيرة، وقيدت القضية ضد مجهول، وهو ما يتشابه الان مع عدة جرائم تتسم بالغموض، مثل قضية مقتل سعاد حسني، والتي وجدت ملقاة من شرفة منزلها في لندن .

مما يوحي بان قضية الرقيق الأبيض هي نتيجة استمر تقاطع عالم الفن بالسياسة وعالم السياسة بالفن، في عدة قضايا متلاحقة ومنها السابقة ايضا، وذلك التداخل كان من نتائجه المستمرة تدمير مفاهيم الحقوق والحريات والمساحات الخاصة والشخصية في اذهان المجتمع المصري، حيث ان قضايا الراي العام تعبر مشكل أساسي للوعي الجمعي، والذي تغذي على رفض العمل بالجنس التجاري وعدم احترام الحياة الخاصة او المساحات الشخصية للأفراد، مهما بلغت مكانتهم الاجتماعية او الثقافية، ونتيجة لذلك ما نراه في تلك الفترة من حوادث عنف ضد العاملين والعاملات بالجنس التجاري داخل المجتمع المصري.

المصادر:

  1. https://honna.elwatannews.com/news/details/2063862/تورطت-في-قضية-الرقيق-الأبيض-وتوفيت-بأزمة-قلبية-زيزي-مصطفى-في-سطور
  2. https://www.mobtada.com/culture/1001807/الرقيق-الأبيض-قضية-قلبت-حياة-ميمى-شكيب-رأسا-على-عقب
  3. https://elmeezan.com/ميمي-شكيب-وشبكة-الرقيق-الأبيض-التهمة/
  4. https://newsfield24.com/news/36933-%22الرقيق-الأبيض%22-الذي-أحدث-ضجة-في-مصر..-أكبر-قضية-دعارة-في-الوسط-الفني..-حكاية-أبطالها-ميمي-شكيب-وصفوت-الشريف..-ولماذا-كانت-الجلسة-سرية
  5. https://ye-voice.com/news159609.html
  6. https://www.altreeq.com/231261
  7. https://www.khabrabyad.com/11663/مشيرة-إسماعيل–اتهمونى-فى-قضية-الدعارة-المعروفة-بـ-الرقيق-الأبيض-مع-ميمى-شكيب-وكان-تشابه-أسماء
  8. https://akhbarak.net/news/21292359/articles/38468732/حكايات-من-أرشيف-الجرائم-كيف-تسبب-القذافى-فى-سقوط
  9. https://www.elmogaz.com/617730
  10. https://www.youm7.com/story/2020/4/30/ضد-مجهول-قصة-مقتل-دلوعة-السينما-المصرية-ميمى-شكيب/4749593
  11. https://kollelngoom.com/هل-دبر-السادات-قضية-الدعارة-لميمي-شكيب/
  12. https://www.gomhuriaonline.com/Gomhuria/953559.html
  13. صور التغطية الصحفية من موقع الميزان:  https://elmeezan.com/ميمي-شكيب-وشبكة-الرقيق-الأبيض-التهمة/